هناك مقولة تُنسب للفيلسوف أرسطو: «إن للإنسان غريزة التمثيل منذ الصغر. إن المتعة واللذة التي نحصل عليها من هذه العملية هي تحول الحياة إلى مسرح». لكن المقولة الأشهر التي ذاعت في كل مجتمعات العالم هي التي تقول: «أعطني مسرحاً أعطِك شعباً عظيماً»، وهي بكل ما تحمله من دلالات تشير إلى أن المسرح فن راقٍ وعظيم، ولذلك أسموه «أبو الفنون».
ولهذا، وعند انطلاق رؤية السعودية 2030 كانت الثقافة أحد أهم جوانبها، وكان المسرح على وجه التحديد محوراً أساسياً مهماً في الحراك الثقافي الذي أصبحت تشهده المملكة.
بدأت وزارة الثقافة بإحياء فن المسرح، لكن النقلة الجوهرية الهامة بدأت بعد إنشاء هيئة مستقلة للمسرح بمسمى «هيئة المسرح والفنون الأدائية»، هذه النقلة أسست لبداية مرحلة مختلفة تمثل تحولاً مهنياً احترافياً جديداً للمسرح السعودي، لأنها بدأت على أسس سليمة قوية، وبأناة وتمهل وفق معايير عالمية، فخرجت إلى النور «استراتيجية هيئة المسرح والفنون الأدائية»، وهي استراتيجية متكاملة تم تقديمها في وقت سابق وقوبلت باحتفاء وابتهاج كل المثقفين والفنانين، والمتخصصين في المسرح على وجه الخصوص، وتركز على إنشاء البنية التحتية لقطاع المسرح بكل مكوناتها، وتنمية المواهب وبناء القدرات، ودعم وتمويل إقامة الفعاليات عبر منح التراخيص، إلى جانب دعم وتمويل الإنتاج المسرحي الوطني، وكذلك تكوين الفرقة المسرحية السعودية، والأهم رفع مستوى الوعي بالمسرح ليكون ثقافة جماهيرية بإنشاء المسارح في مختلف مناطق المملكة، إضافة الى الطموح بأن يكون المسرح الوطني السعودي منافساً لغيره من المسارح العربية والعالمية.
واستكمالاً للنجاحات وترسيخاً للاستراتيجية، تنظم الهيئة «مهرجان الرياض للمسرح»؛ لتفعيل الحِراك المسرحي السعودي عبر حزمة من العروض المسرحية الوطنية الداعمة للإنتاج المسرحي المحلي، فالمهرجان سيخصص فعاليات ثقافية لإحياء ذكرى الكاتب والمسرحي والشاعر السعودي الراحل محمد العثيم نظير إسهاماته الرائدة، وستُعرض مسرحية من تأليفه، فضلاً عن إقامة معرض فني خاص بمسيرته الفنية، إلى جانب عددٍ من الفعاليات التي تعبِّر عن الاحتفاء بالمُكرَّم، فيما يُصاحب المهرجان 16 ندوة وورشة عمل عن فنون المسرح وتطوير مهارات المسرحيين وصقلها، وعرض مسرحيتين عالميتين.
ما يحدث اليوم من نقلة مهمة وكبيرة لمسرحنا السعودي، إنما هو تجسيد لمستقبل «أبو الفنون» الواعد في بلادنا.