(تجميد الأجنة).. تقنية تستخدم في مجال طب الإنجاب والحقن المجهري أو ما يطلق عليه (أطفال الأنابيب) لغرض الاحتفاظ بالأجنة للاستخدام في المستقبل. وتتضمن هذه العملية تبريد وتخزين الأجنة في درجات حرارة منخفضة، عادة حوالى -196 درجة مئوية تحت الصفر في النيتروجين السائل. وأضحت التقنية شائعة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة بسبب معدلات نجاحه العالية ومزاياها في نقل الأجنة الطازجة (غير المجمدة). وتتأثر معدلات النجاح بعوامل مختلفة، بما في ذلك جودة الأجنة وعمر المرأة والبروتوكولات المحددة التي تتبعها مختبرات الخصوبة. وتم تطبيقها في السعودية 2008م، وبدأ ظهور بنوك الأجنة مع انتشار التلقيح الاصطناعي، كونه يتطلب، في إحدى مراحله، تجميد البويضات الملقحة، أو أخذ عدد كبير من البويضات وتلقيحها، ثم إرجاع بويضة واحدة ملقحة إلى رحم المرأة، والاحتفاظ ببقية البويضات الملقحة في البنوك لتسهيل تكرار العملية في حال فشل حدوث الحمل في المرة الأولى.
فتح باب الأمل
أمل المطيري تقول لـ«عكاظ»، عن رأيها الشخصي: إن تجميد الأجنة فتح باب الأمل لدى كثير من النساء اللائي يواجهن ظروفاً عدة؛ فهو أمل كل امرأه تحلم بالأمومة، نعلم جيداً أن الإنسان مسير وفق قدر الله وقد يخشى الإنسان من فقد الأبناء وهو في سن كبير قد تتجاوز فيه الأنثى مرحلة الإنجاب، ومن عظمة الله، أن أعطى الإنسان مفاتيح العلم، وجاء حلم تجميد الأجنة حلاً لهذا التخوف لدى الكثير من الآباء، فيلجأون إليه عند الضرورة لإنجاب أبناء في سن كبيرة للمحافظة على بقاء النسل للأسرة فلا يمنع استخدام علم تجميد الأجنة للمحافظة على معادلة بقاء الإنسان والمحافظة على استمرار النسل لمن يرغب في ذلك.
ارضَ بما قسم الله لك
دكتور تقنيات التعليم فهد صالح العمري، قال: إن الله -سبحانه- خلق الأنفس وكتب رزقها في لوح محفوظ، فما اختاره الله هو خير، أنا لا أميل مع الذين يريدون الإنجاب في عمر متأخر وليس لديهم ظروف خاصة كالعقم وتأخر الزواج وغيره، فإن الطفل يحتاج إلى تربية واهتمام وتعليم، وفي هذا العمر لا يسمح للإنسان باللعب مع طفله وحتى متابعته، بالإضافة إلى أن نسبة الاصابة بالأمراض تكون مرتفعة، فالرضا بما قسم الله نعمة عظيمة.
«التزجيج» طريقة مفضلة
استشاري العقم وأطفال الأنابيب الدكتور محمد العقدي، يرى أن تاريخ تجميد الأجنة يعود إلى السبعينيات الميلادية عندما تم تسجيل أول حفظ ناجح للجنين البشري. ومع ذلك، كانت التكنولوجيا والتقنيات المستخدمة، خلال ذلك الوقت، بدائية نسبياً، وكانت معدلات النجاح منخفضة. وعلى مر السنين، تم إحراز تقدم كبير لتحسين كفاءة وفعالية الحفظ بالتبريد الجنيني وفي تلك الحقبة، كان التجميد البطيء هو الطريقة الأساسية المستخدمة، وتتضمن تبريد الأجنة تدريجياً ولكن معدلات نجاح بقاء الأجنة حية بعد الذوبان كانت منخفضة بسبب الأضرار الناجمة عن تكوين بلورات الثلج داخل خلايا الأجنة، ما يؤدي إلى تلفها وانخفاض جودتها.
وفي السنوات الأخيرة خصوصاً بعد 2000 ميلادي، برزت تقنية حديثة وهي التزجيج (التجفيف) كطريقة مفضلة للحفاظ على جودة الأجنة بالتجميد. وهي تقنية تجميد سريع تسمح بالحفاظ على الأجنة دون تكوين بلورات الثلج. وأحدثت هذه التقنية ثورة في حفظ الأجنة بالتجميد. وقد حسّنت بشكل كبير معدلات بقاء الأجنة وجودتها على قيد الحياة بعد الذوبان، حيث وصلت المعدلات في وقتنا الحالي إلى 98٪ في مراكز الإنجاب المتقدمة. وهذا بالتالي يسمح بمعدلات نجاح عالية في انغراس الأجنة والحمل اللاحقين.
تقنية تجميد الأجنة
يضيف استشاري العقم وأطفال الأنابيب الطبيب العقدي، أن تقنية تجميد الأجنة أحدثت تقدماً سريعاً في طب الإنجاب، إذ يمكن تخزين الأجنة الزائدة من دورات الحقن المجهري للاستخدام في المستقبل. ومنح هذا الأزواج خيار الخضوع لدورات متعددة في ترجيع الأجنة المجمدة دون الحاجة إلى تنشيط المبايض وسحب البويضات المتكرر بمعدلات حمل عالية، وهناك تقدم آخر في مجالات أخرى في طب الإنجاب باستخدام تقنية تجميد الأجنة وتخزينها وهو تطوير الفحوصات الجينية للأجنة، إذ يسمح فحص الأجنة للكشف عن الأمراض الوراثية المعروفة مسبقاً في الأسرة قبل إرجاع الأجنة للرحم، ما يزيد من فرص الحمل بأطفال سليمين من المرض الوراثي. وأيضاً يمكن فحص الكروموسومات لجنس الأجنة أو المتلازمات مثل متلازمة داون وغيرها.
ويشير الطبيب العقدي إلى أن برامج الفحص الجيني للأجنة يعتمد بشكل كبير على نجاح تقنية التجميد التي تمثل أحد أهم مؤشرات الأداء للمركز، وتعد تقنية تجميد الأجنة آمنة نسبياً ونسبة حدوث مخاطر تشوهات الأجنة بنفس معدل حدوثها في الحمل الطبيعي.
إتلاف الأجنة عند الوفاة أو الطلاق
ويوضح استشاري العقم وأطفال الأنابيب الطبيب العقدي: أنهم بدأوا تطبيق التقنية الحديثة لتجميد الأجنة بدلاً عن التقنية القديمة في المملكة في 2008م، واستقطبنا بعض الكوادر المدربة من مراكز عالمية في تأسيس البرنامج وتدريب الكوادر الأخرى في القطاع الحكومي والخاص، ورغم وجود بعض التحديات إلا أنها أصبحت حالياً هي التقنية المفضلة في جميع مراكز الإنجاب، ويتم عمل التجميد بشكل يومي في معظم المراكز، وتبلغ الأجنة المجمدة بمستشفيات المملكة بالآلاف، وهي تخضع لبروتوكول حفظ دقيق للغاية يحفظ تفاصيل الزوجين حسب لائحة طب الإنجاب المعمول به في المملكة، ويحق للزوجين تمديد فترات التجميد لسنوات حسب رغبتهم، ولكن يتم إتلاف الأجنة في حالة انفصال الزوجين أو وفاة أحدهما ولا يحق لأيٍّ منهما استخدامها في هذه الظروف حسب لائحة طب الإنجاب المعتمدة على الفتاوى الشرعية الصادرة من هيئة كبار العلماء. وبشكل عام نجاح إرجاع الأجنة المجمدة يتحسن باستمرار بمرور الوقت، وتختلف معدلات الحمل لأسباب مختلفة؛ منها بروتوكولات العلاج والمهارات الفردية للمختصين في مختبرات الإخصاب، وتختلف أيضاً باختلاف المراكز. ويبلغ متوسط نسب الحمل 50% وقد حققت بعض البرامج في مستشفياتنا بالمملكة نسب حمل تصل من 60 إلى 70%، حيث تضاهي بعض المراكز العالمية؛ خصوصاً بالولايات المتحدة حيث وصلت معدلات الحمل إلى 70%.
حمل بعد 12 سنة
واحدة من المزايا الرئيسية لتجميد الأجنة طبقاً للطيب العقدي، هي القدرة على تجنُّب خطر حدوث متلازمة فرط الاستجابة في مرضى متلازمة تكيسات المبايض، وتوفر آلية علاج أكثر سيطرة على المضاعفات وأقل إرهاقاً للمريضة. ويتأثر معدل نجاح الحمل أيضاً بعمر المرأة في وقت تجميد الأجنة، إذ إن عملية تجميد الأجنة في عمر صغير أقل من 35 سنة، يحقق معدلات نجاح عالية إذا تم إرجاعها حتى في عمر متقدم.
وبشكل عام تحتفظ الأجنة المجمدة بالتقنية الحديثة بخصائصها لسنين طويلة غير محددة، وتوجد لدينا سيدات حملن بعد إرجاع أجنة مجمدة لأكثر من 12 سنة بمستشفياتنا، وعلى المستوى العالمي تم تسجيل حالة حمل لسيدة بعد إرجاع جنين مجمد بالتقنية القديمة لفترة 31 سنة.
جنين «فرِش».. طازج !
استشاري أطفال الأنابيب الدكتور نبيل براشا، قال: إنه يمكن تجميد الأجنة لفترات طويلة تمتد لسنوات، والتقنية لا تحتاج إلى أي طاقة كهربائية إذ يتم حفظها في سائل النيتروجين، وتعتمد نسبة نجاح حدوث الحمل على عمر المريضة وقت تجميد الأجنة، وتكون النسبة عالية لعمر تحت ٣٩ وتعادل نسبة الحمل عند استخدام «أجنة فرِش» غير مجمدة.
ونسبة حدوث تشوهات خلقية عند الأطفال متعادلة مع نسبة حدوثها مقارنة بالحمل الطبيعي، ويمكن حدوث مشكلات معينة عند الأطفال بسبب حدوث ولادة مبكرة في الشهر السابع أو الثامن عند حدوث الحمل بتوائم أو أكثر، ولا توجد عيوب معينة، لكن التقنية تستدعي تحضير المريضة بأدوية تساعد على نمو البطانة الداخلية للرحم، وأيضاً تكلفة التجميد والحفظ والنقل للأجنة، ويمكن حدوث مشكلات للأجنة أثناء عملية التذويب مما يؤدي لتلفها.
عمرها 60 عاماً وتنجب
وفقاً للدكتور براشا؛ من الممكن زراعة الأجنة للمجمدة لزوجة عمرها تجاوز 60 عاماً وزوجها على قيد الحياة وقد حدثت بالفعل، ولكن تزيد مشكلات الحمل لدى هذه الفئة من النساء لزيادة نسبة الأمراض لديهن ولعدم جاهزية واستطاعة الجسم التحمل، إذ إن الحمل يصاحبه تغيرات كبيرة في الجسم، ويكون عبئاً على الجهاز الدموي والقلب خاصة، وعن طريقة التحضير لنقل الأجنة المجمدة يضيف براشا: هناك عدة طرق لعملية التحضير لنقل الأجنة المجمدة وكلها تركز على تحضير البطانة الداخلية للرحم، فالطريقة الأولى إذا كانت دورة المريضة منتظمة يمكن عمل النقل للأجنة بدون إعطاء أي أدوية، ويتم قياس بطانة الرحم الطبيعية ومتابعة التبويض الطبيعي وإعطاء إبرة تفجيرية وبعدها مثبتات ويتم نقل الأجنة بعدها حسب عمر الأجنة وقت التجميد، أما الطريقة الثانية تتم من خلال إعطاء حبوب هرمون الاستروجين لزيادة سماكة البطانة وبعدها مثبتات، ويتم نقل الأجنة أيضاً بعد عدة أيام حسب يوم تجميد الأجنة، والطريقة الثالثة هي إعطاء إبر تنشيط للمبيض تساعد على التبويض وزيادة بطانة الرحم، وبعدها إبرة تفجيرية ومثبتات ويتم نقل الأجنة بعدها مثل الطريقتين السابقتين.
متى تنجح ؟
البروفيسور أستاذ واستشاري أمراض النساء والولادة ورئيس وحدة علاج العقم وأطفال الأنابيب الطبيب حسن صالح جمال، أكد أنه يوجد فرق بين تجميد الأجنة وتجميد البويضات؛ إذ إن تجميد البويضات وتخزينها عملية لاستخدامها في المستقبل، أما عملية تجميد الأجنة فهي عملية تتم بإخصاب البويضة بالحيوانات المنوية للزوج، وتكون أجنة صالحة وسليمة للإرجاع في المستقبل، وأشارت بعض الدراسات إلى أن الأجنة المجمدة أفضل في النتائج، وقد يختلف الوضع من حالة إلى حالة والعوامل التي تحيط بعملية أطفال الأنابيب، وتعود أسباب فشل إرجاع الأجنة المجمدة إلى عدة أسباب؛ منها طريقة التجميد ومستوى مختبر أطفال الأنابيب أو نوعية الأجنة ودرجة جودتها وأعمار الزوجين.
موافقة كتابية من الزوجين
المحامي صلاح ربيع، أوضح أن الشريعة الإسلامية صانت حياة الإنسان ونسله، فجعلت حفظ النفس، مقصداً من مقاصدها، وقد استمد نظام وحدات الإخصاب والأجنة الصادر بالمرسوم الملكي في (21/11/ 1424هـ)، أحكامه منها، فاعتنى بالأجنة، وجرّم المساس بها دون مسوغ نظامي، فقد اشترط المنظم لإجازة التلقيح الصناعي، أن يكون بين زوجين تربطهما علاقة زوجية قائمة؛ إذ نصت المادة (4) من النظام: «يجب التأكد من وجود علاقة زواج قائمة قبل البدء في العلاج، ويحظر تخصيب أي بويضة للزوجة بنطفة الزوج بعد الطلاق أو الوفاة، ويجب على الطبيب عند حدوث ذلك أن يوقف عمليات الإخصاب والتلقيح»، وقد أوجبت المادة (6) أخذ الموافقة الكتابية من الطرفين، قبل البدء بالعلاج ونصها: «يجب الحصول على موافقة كتابية صريحة من الزوجين على طريقة العلاج، بعد تعريفهما بجميع إجراءات العلاج ومخاطرة واحتمالات نتائجه».
كما يُعد الطبيب المعالج، مسؤولاً مسؤوليةً خاصة، وذلك بالتزامه ببذل العناية اللازمة وفق الأصول الطبية المستقرة والمتعارف عليها، بأخذ الحيطة والحذر من اختلاط النطف والبويضات؛ حفاظاً على الأنساب، ومنعاً لاختلاطها، وهذا ما نصت عليه المادة (9) من النظام: «يجب على وحدات الإخصاب والأجنة وعلاج العقم الالتزام بالتنظيم الدقيق للنطف والبيضات واللقائح، والأجنة، وتوفير أقصى درجات الحرص والاحتياط والحذر من اختلاطها أو الاستبدال بها بقصد أو دون قصد».
الطبيب مسؤول في هذه الحالة
ومن حيث المسؤولية عن الأخطاء الطبية في العلاج، أوضح المحامي صلاح ربيع أن الطبيب يعد مسؤولًا مسؤوليةً كاملةً عن جميع الأضرار التي يُسببها خطأُه في العلاج، سواء كان بصفته فاعلاً أو شريكاً، أو في حال ارتكابه إحدى المخالفات المنصوص عليها بالنظام، كأن يحقن نطفاً أو أجنة في امرأة من غير زوجها، أو يحقنها بعد انتهاء العلاقة الزوجية، إما بسبب الانفصال أو الوفاة، أو ينقل لقائح أو أجنة تخص امرأة إلى رحم امرأة أخرى، وعليه؛ يُعاقب من ارتكب إحدى هذه المخالفات، عقوبة غرامة مالية لا يقل مقدارها عن (200,000) ريال ولا يزيد على (500,000) ريال، أو السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وإلغاء ترخيص مزاولة المهنة.
المطلق: لا مانع من الاحتياط
عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله محمد المطلق، أوضح في إجابة له في أحد البرامج، أنه لا مانع من أن الرجل يحتاط ويجمد الحيوانات المنوية والمرأة تجمد البويضات بسبب مرض أو الخوف من إصابتهما بالأمراض مستقبلاً، وقال: قد يحتاجان أحياناً إلى تجميد الأجنة؛ بشرط أن تكون في مراكز معتبرة وموثوقة تشرف عليها وزارة الصحة.. فلا بأس في ذلك.