بصراحة اليوم قررت أن أكون أكثر جدية، لذا استيقظت باكراً «على غير عادة» ومددت (يدي) الكريمة لأغلق المُنبه، ثم (تمغطت) قليلاً في فراشي وقلت لنفسي:هذا اليوم لا بُد أن يؤرخ لأنه ليس يوماً عادياً.
ولأنه كذلك وجب عليّ أن أقول لكم إني أكتب (بيدي) اليمنى على الدوام، وحتى لو كانت هذه المعلومة لا تهمكم في شيء، يهمني أن تعرفوا أن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى في الكتابة هم الأكثر ذكاءً، والأكثر مهارة في أداء المهام، والحمد لله أنني لست (شولا) أو عسرا، «واللي يدو في المويه، مو زيّ اللي يدو في النار».
ولأنني قررت أن أكون إنسانة جادة وعملية هذا اليوم؛ انتهيت من كل أعمالي والتزاماتي، وعندما حل المساء قررت أن أكافئ نفسي بسهرة جميلة مع مجموعة من صديقاتي، وعزمتهن على العشاء ومع الأسف لم تعتذر ولا واحدة منهن، بل وافقن على الفور وبدون أي تفكير وحينها فقط شعرت أنني قد (تورطت) بالفعل وخلاص (ماكو فكّه).
المهم تجاذبنا أطراف الحديث وبدأت فقرة النميمة النسائية، فقالت لي إحداهن:
- هل تعلمين أن فُلاناً قد حصل على وظيفة مرموقة؟
فأجبتها بدهشة: وكيف حدث ذلك وهو لا يحمل إلا شهادة المرحلة الإعدادية، فقالت لي: يا حبيبتي معروف (يده واصلة).
فقلت على مضض: الله يوفقه.
ثم استرسلت بالحديث وقالت هل تذكرون العم أحمد جارنا، هذا الشخص المعروف بكرمه صاحب (الأيادي البيضاء)؟
فقلنا لها: نعم، وسألتها: «وش فيه، فطس؟»
فقالت لي: لا فال الله ولا فالك، لقد تزوج الرابعة، لكني أريد أن اسألكم:
هل تعتقدون أنني بحاجة إلى (يد بيضاء) أم (يد واصلة) لأحقق أحلامي؟ فقلت لها:
أعتقد تحتاجين (ليد ثالثة) تجمع لك بين الاثنين، وواضح لم يعجبها ردي.
وبما أن حديثنا كان عن الأيادي قررت اليوم أن أخطب ودّكم وأطلب (يدكم) لأكتب عنها، فلكل شخص «يد» تميّزه عن الآخرين، وهناك من يمسك الأمور بإحكام، وهناك من تتفلت الأشياء منه.
فهناك شخص (يده ماسكة) ولا ينفق إلا بالقطارة، ويحسب كل ريال أين صُرف، ولا يشتري إلا الضروريات وبطلوع الروح، فشعاره الدائم في الحياة: «عض قلبي ولا تعض جيبي».
وهناك شخص على العكس تماماً، بمعنى (اللي في يده ماهو له)، فهو لا يتردد في العطاء ومد يد العون للجميع حتى لو كان ذلك على حساب نفسه، وشعاره الدائم في الحياة:
«اصرف مافي الجيب، يأتيك مافي الغيب».
وهناك شخص (يده مخرومة) ولا يستطيع الاحتفاظ بالمال، يصرف بعبث وبدون تقدير أو خطة للادخار، ويعيش في فوضى عارمة، والداخل إلى جيبه مفقود والخارج كذلك.
وهناك شخص دائماً (يده على قلبه)، وقلق بطبعه ويعيش في خوف دائم من المستقبل، وإذا خطط لشيء يراجع كل التفاصيل ويحسب كل المخاطر الممكنة بحذر.
وعلى كل حال؛ أنا (يدي) وجعتني من الكتابة!
يبقى لكل شخص صفات تميّزه عن الآخرين، والحمد لله أغلب المميّزين الذين أعرفهم (أياديهم خفيفة)، ورجاءً لا أحد يسأل عن يدي لأني (حاطه حنّه).