في الوقت الذي يُعد شهر أكتوبر من كل عام، شهراً توعوياً لسرطان الثدي، أكد مختصون لـ«عكاظ» على مأمونية أجهزة فحص سرطان الثدي، وأن أخذ العينة لا يؤدي إلى انتشار المرض كما يُشاع.
وحذرت مختصات لـ«عكاظ» من الجهات التي تروج للكشف المبكر عن سرطان الثدي باستخدام الأشعة الصوتية، موكدات بأن هذا الشيء غير وارد، وأن الطريقة الصحيحة هي الكشف المبكر بأشعة الماموغرام المعتمدة عالميا.
وشددن على أهمية الحياة الصحية السليمة التي تساعد في تقليل نسبة الإصابة بالسرطان عموما؛ مثل تجنب السمنة والعادات السيئة كالتدخين والكحول، والرجوع إلى العادات الصحية السليمة في الطعام وقلة التعرض للأجواء الملوثة، خصوصاً أن أهم أسباب الإصابة بسرطان الثدي؛ السمنة والزواج المتأخر والإنجاب المتأخر والسيدات اللاتي يصلن لسن البلوغ في وقت مبكر وينقطع عنهن الطمث في سن متأخر.
ينتشر في الدول الأكثر نمواً
كشفت أستاذ الأشعة ومؤسس حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي بالمنطقة الشرقية الدكتورة فاطمة الملحم، أن سرطان الثدي يعد أكثر السرطانات التي تصيب المرأة في العالم وليس في السعودية فقط، وأشارت إلى أن الدراسات أثبتت أن 30٪ من السرطانات التي تصيب السيدات هي سرطان الثدي، كما أن التقرير العالمي الأخير، كشف أنه في 2022م، أصاب سرطان الثدي نحو 2.000.300 سيدة في جميع أنحاء العالم، ووصلت الوفيات إلى 700.000 وفاة.
وأشار التقرير إلى أن سرطان الثدي أكثر انتشاراً في الدول الأكثر نمواً، فهنالك سيدة واحدة بين 12 سيدة مصابة بسرطان الثدي، وحالة وفاة واحدة بين 71 سيدة مصابة، وفي الدول الأقل نمواً هنالك حالة واحدة مصابة بين 27 سيدة ونسبة الوفاة عالية وصلت إلى واحد إلى 48 سيدة. وبينت الملحم بأن أكثر من نصف الحالات المصابة بسرطان الثدي غير معروفة الأسباب، ولعل السبب الوحيد هي غدد الثدي والسبب الثاني التقدم بالعمر.
الأشعة الصوتية.. كذبة
أكدت فاطمة الملحم أن نسبة الوفيات بهذا المرض، تحسنت كثيراً في الآونة الأخيرة مقارنة بالبدايات، فما بين 1930م إلى 1970م، كان الإجراء الوحيد لعلاج سرطان الثدي هو الاستئصال وهو علاج تشويهي، وبعد فترة التسعينيات الميلادية والتقدم العلمي وطرق الجراحة وطرق العلاج والمواد الكيماوية والعلاج بالإشعاع حصل تقدم كبير في نسبة العلاج وانخفاض في نسب الوفيات بشكل ملحوظ. وعن آلية الكشف المبكر عن سرطان الثدي أوضحت: هنالك نوعان من الفحص، الفحص المبكر (الماموغرام) وهو الطريق الأمثل بعد سن الـ 40، والثانية وهي الأعراض التي يشعر بها المريض مثل الألم بالثدي أو ورم أو تغير في الجلد، ففي هذه الحالة يجب التدخل المبكر بشكل عاجل وعدم الانتظار.
وحذرت الملحم من الجهات التي تروج للكشف المبكر عن سرطان الثدي باستخدام الأشعة الصوتية، مؤكدة أن الطريقة الصحية هي الكشف المبكر بأشعة الماموغرام، وهي معتمدة في كثر من الدول الأوربية ثم أمريكا من بداية 1970م، وهذه الطريقة المثلى لتشخيص المرض قبل أن تحدث الأعراض وقبل شعور المرأة بأي تغيرات على الأقل من سنتين إلى خمس سنوات، مما ينعكس على نسبة الشفاء بنسبة 99٪ لأن العلاج يكون أسهل ومتوفراً.
ليس مرضاً وراثياً
المختصة في أمراض سرطان الثدي بالمنطقة الشرقية الدكتورة فاطمة الملحم، أكدت أن هناك طرقاً عديدة للكشف المبكر وتعتمد على التاريخ المرضي للسيدات وعلى أعمارهن، فالسيدة التي لديها قريبة من الدرجة الأولى (الأم، الأخت، الخالة) إذا كانت قريبتها مصابة في سن مبكرة أقل من 45 عاماً لهن طريقة كشف مبكرة مختلفة عن السيدات اللاتي ليس لهن تاريخ مرضي عائلي، إذ يتم الكشف عليهن بشكل مبكر، فالمصابة بسرطان الثدي في سن 45 يتم الكشف عن ابنتها في سن 35، وإذا كان عمرها 40 يتم الكشف عن الابنة بسن 30، ولا يعتمد في السن المبكرة على أشعة الماموغرام فهنالك طريقة وحيدة هي الأشعة المغناطيسية للثدي وهي طريقة آمنه للكشف المبكر.
وأفادت الملحم أن سرطان الثدي ليس مرضاً وراثياً والمصابات وراثياً تصل نسبتهن بين 5-10٪، وهنا لا بد من التنبه إذ أصيبت الأم بسرطان الثدي في سن مبكرة أقل من 45 عاماً لا بد من خضوعها للفحص الجيني، فمتى كانت حاملة للجين يتم الكشف على بناتها وقريباتها من الدرجة الأولى.
ونوهت الملحم بأن هنالك دراسات عالمية أثبتت أن الكشف المبكر هو الوسيلة الوحيدة لتحسين نسب الوفاة والمعاناة من هذا المرض، لذلك تزداد أهمية الفحص الذاتي في سن مبكرة بعد سن البلوغ.
هل يصيب الرجال؟
بينت الدكتورة فاطمة الملحم بأنه لا يوجد مقارنة بين نسبة سرطان الثدي للسيدات مع الرجال، فنسبة إصابات السيدات في السعودية بسرطان الثدي وصلت 31٪، أما نسبة إصابات الرجال فهي واحد إلى نصف في المئة.
وكشفت أن السجل السعودي للأورام يعد أول السجلات الوطنية للأورام في الشرق الأوسط وأنشئ في 1992م، فيما كشف تقرير 2020م ان المنطقة الشرقية مثّلت نسبة الإصابة فيها 46.2 في المئة، تليها منطقة الرياض 43.3 في المئة، تليها منطقة القصيم 28.1 في المئة، بعدها منطقة الجوف 25.2 في المئة، يليها منطقة مكة المكرمة 24.9 في المئة، ومتوسط العمر للإصابة بسرطان الثدي هو 51 سنة، كما كشف التقرير في 2020م، أن عدد السيدات السعوديات المصابات بسرطان الثدي بلغ 2459 حالة مصابة، بلغت نسبتها 31.4 من كل أنواع السرطان التي تصيب السيدات في المملكة.
نساء ذوات خطرٍ عالٍ
استشارية الجراحة العامة وجراحة الثدي والترميم الدكتورة مريم الجنيدي، تقول: ان النساء المصابات بسرطان الثدي ينقسمن إلى نساء ذوات خطرٍ عالٍ للإصابة بالأورام الخبيثة للثدي ونساء ذوات الخطر المتوسط.
وأشارت إلى أن أسباب الأورام تنقسم إلى مجموعتين، وهنالك عوامل متغيرة يمكن أن نتحكم فيها؛ فالمرأة البدينة تملك نسبة أستروجين أعلى من النساء النحيفات، كما أن المرأة التي لا تؤدي أي نشاط بدني حتى لو كان وزنها مثالياً تكون أكثر عرضة للإصابة، وقد أوصت الجمعية الأمريكية للأورام، بممارسة النشاط البدني بين ٣٠٠ إلى ١٥٠ دقيقة في الأسبوع وفي النشاط البدني العنيف من ٧٥ إلى ١٥٠ دقيقة.
تحذير من معلومات خاطئة
كشفت إستشارية أشعة الثدي والأمراض النسائية الدكتورة مروة محمد المسلماني، أن أشعة الثدي الماموغرام تعد من أقدم الطرق للتصوير بالأشعة السينية، وما زالت تعطي نتائج جيدة ما يساعد في تشخيص الحالات مبكراً. محذرة من المعلومات الخاطئة بأن كمية الإشعاع التي تتعرض لها السيدات خلال الفحص مضرة وقد تسبب سرطان الثدي أو الغدة الدرقية، وأشارت المسلماني إلى أن القلق من زيادة احتمالية إصابة السيدة بسرطان الغدة الدرقية نتيجة تعرضها للإشعاع خلال تصوير الثدي بالأشعة السينية غير مدعوم بأي دليل علمي، وبينت أن الجرعة الإشعاعية التي تتعرض لها الغدة الدرقية منخفضة للغاية (أقل من 0.005 ملي) وهي أشعة مرتدة غير مباشرة ويعادل 30 دقيقة فقط من التعرض للإشعاع الكوني من مصادر طبيعية في الحياة اليومية، لذلك لا تنصح الكلية الأمريكية لأطباء الأشعة وجمعية تصوير الثدي باستخدام واقي الغدة الدرقية أثناء التصوير الشعاعي للثدي (الماموغرام).