في عام 2017، واجهت شركة United Airlines أزمة غير مسبوقة بعد انتشار مقطع فيديو يظهر أحد ركابها وهو يُسحب بعنف من مقعده على متن إحدى الطائرات المكتظة بالركاب. هذا الفيديو انتشر بسرعة البرق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما أشعل فتيل الغضب العام تجاه الشركة حول العالم. لم يمر وقت طويل حتى تحولت الحادثة إلى أزمة حقيقية تسبّبت في تدمير سمعة United Airlines وأدت إلى تراجع حاد في ثقة العملاء، وهو ما انعكس سلباً على أداء الشركة في السوق.
تعتبر السمعة أحد الأصول الحيوية التي تعتمد عليها الشركات في بناء وتعزيز علاقاتها مع عملائها ومستثمريها وشركائها. ورغم ذلك، فإن السمعة قد تكون هشة للغاية ويمكن أن تتعرض للتدمير في لحظة. عندما تقع حادثة تسيء إلى سمعة الشركة، كما حدث مع United Airlines، يمكن أن يؤدي ذلك إلى فقدان العملاء للثقة والولاء، مما ينعكس مباشرة على الإيرادات والأداء المالي للشركة.
إدارة مخاطر السمعة ليست عملية تكميلية بل هي جزء لا يتجزأ من إدارة المخاطر المؤسسية. تجاهل هذه الإدارة يمكن أن تكون له عواقب وخيمة، منها تراجع قيمة العلامة التجارية، وتدهور الثقة العامة، وحتى مقاطعة المنتجات أو الخدمات. للتعامل مع مخاطر السمعة بفعالية، يجب على الشركات تبني نهج استباقي لرصد وتقييم هذه المخاطر باستمرار. يبدأ ذلك ببناء نظام متكامل لرصد كافة العوامل التي قد تؤثر على سمعة الشركة، مثل تقييمات العملاء، تغطية وسائل الإعلام، وتفاعل الشركة مع القضايا الاجتماعية. ولكن الرصد وحده لا يكفي؛ إذ يجب التخطيط لإدارة الأزمات المحتملة عبر وضع إجراءات فورية للتعامل معها، مثل التفاعل السريع مع الجمهور، وإصدار بيانات توضيحية، واتخاذ إجراءات تصحيحية لاستعادة الثقة.
تذكرنا قصة United Airlines بأهمية إدارة مخاطر السمعة كجزء لا يتجزأ من إدارة المخاطر المؤسسية. في عالم الأعمال الحديث، حيث يمكن لأي حدث أن ينتشر بسرعة ويصل إلى جمهور واسع، أصبح من الضروري أن تكون المنظمة مستعدة للتعامل مع أي أزمة قد تؤثر على سمعتها. بعض الشركات الرائدة قامت بتطبيق استراتيجيات فعّالة لإدارة السمعة، مثل توظيف فرق مختصة في مراقبة الرأي العام وتطوير خطط طوارئ للتعامل مع الأزمات.
الشركات لدينا في المملكة العربية السعودية، مثل نظيراتها العالمية، تواجه تحديات متزايدة في الحفاظ على سمعتها في ظل تطورات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. لذا، فإن الاستثمار في إدارة مخاطر السمعة هو استثمار في المستقبل، يضمن استمرار نجاح المؤسسة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية في سوق متنامية ومتطلبة.