عندما قررت المملكة البدء في منافسة استضافة المعرض العالمي إكسبو 2030، كانت تعرف بالتأكيد أنها ستدخل منافسة صعبة يتداخل فيها السياسي مع الاقتصادي والتنموي والعلمي والثقافي والفكري وعوامل أخرى يمكن استحضارها عندما يستدعي الأمر. وكانت على بينة بأن الرياض ستتنافس مع مدن عالمية مهمة وشهيرة لها تجارب متراكمة في تنظيم فعاليات دولية، ومع ذلك قررت المملكة دخول التحدي، ليس لمجرد أن يقال إنها كانت إحدى الدول المنافسة، بل لأنها تريد أن تفوز.
هذا التحدي الذي قرره ولي العهد كان يعرف تبعاته، ويعرف في قرارة نفسه أنه ممكن إذا كان التحضير له استثنائياً وابتكارياً لتقديم تجربة غير مسبوقة وغير متوقعة. لذلك بدأ تجهيز الملف على هذا الأساس منذ اللحظة الأولى، ليخرج للعالم بشكل مغاير للأفكار التقليدية، ثم بدأت رحلة الملف عبر مراحل ومحطات مختلفة، تدعمه دولة تَسارع صعودها العالمي المؤثر في كل المجالات، وبدأت تستقطب منتديات ومؤتمرات دولية مختلفة، في الوقت الذي تحث فيه مشاريعها العملاقة خطى السير كما رسمتها الرؤية الوطنية 2030، ومعها كل برامجها ومستهدفاتها.
الملف المتقن الذي أعدته المملكة كان يؤهلها بجدارة، لكنه يحتاج إلى تسويقه وترويجه بشكل ذكي وفعال، لذلك صاحبته حملة مدهشة للدبلوماسية العامة السعودية في معظم عواصم العالم. ورغم كل هذا العمل الرائع لم يغب هاجس الدولتين المنافستين، لكنه هاجس يدفع لتقديم المزيد من الميزات على الملف، ويرفع من تنافسيته ويمنحه ثقة أكثر.
مساء الثلاثاء، كل الأنظار اتجهت إلى باريس، ترقباً وأملاً للإعلان عن المدينة الفائزة، كان هناك شعور عام لدى السعوديين أن الرياض ستفوز، وفعلاً لم تخذلهم، فقد فازت في الجولة الأولى من التصويت كسابقة في تأريخ المعرض.
نعم فعلتها الرياض، وهي كما قال سمو ولي العهد جاهزة من الآن لاستقبال العالم.
إلى الأمام يا وطن لا يعرف المستحيل.