لا تزال الحرب على العرب، خصوصاً لبنان، مستمرة بلا هدنة ولا توقف. وهو عدوان تُراق فيه دماء العرب، وتدمّر بلدانهم، وبُناهم الأساسية من طرق، ونقل، وصحة، وتعليم. صحيح أن إسرائيل استهدفت حركة حماس وحزب الله، اللذين لا يؤيدهما بقية السكان. بيد أن ممارسة إسرائيل سياسة «عليَّ وعلى أعدائي» تمثل حرقاً للأرض، وتدميراً للعمران، وإبادة للبشر، وتهجيراً للعرب من أوطانهم. وتُظهر الحرب على لبنان بوضوح أن قيام عربي واحد بمهاجمة إسرائيل تعني بالنسبة لإسرائيل ضرورة إبادة جميع العرب، وتدمير بلدانهم. وهو منطق غير مقبول في كل الشرائع السماوية. ومن الواضح أن إسرائيل أضحت بقيادة بنيامين نتنياهو مستعصية على الولايات المتحدة، وقادرة على إهانة رئيسها جو بايدن. كما أنها باتت تحتقر الأمم المتحدة احتقاراً تاماً، بدليل قرارها الأخير اعتبار الأمين العام أنطونيو غوتيريش «شخصاً غير مرغوب» في دخوله إسرائيل. كل تلك المعطيات، وما يتصل بها من مخاوف حقيقية، تحتم تكثيف الاتصالات بين الدول العربية، لبلورة خيارات عملية قابلة للتنفيذ، للحفاظ على سيادة العرب على أراضيهم، وتحقيق تعايش سلمي يحقن الدماء، ويسمح بتحقق المنافع الاقتصادية الكامنة في ذلك التعايش. وقد ظلت السعودية تتمسك منذ سنوات بأن السبيل الأوحد لذلك يتمثل في قبول إسرائيل بفتح مسار لحل الدولتين، والسماح بقيام دولة فلسطينية مستقلة. لذا بات من الضروري أن يتكاتف العرب لوقف هذا الانحدار الأمني، الذي يهدد المنطقة والعالم.