منذ بداية رحلة التحول الرقمي في السعودية قبل ربع قرن تقريباً وصولاً إلى هيئة الحكومة الرقمية حالياً؛ نجد أن ما تحقق خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة من منجزات رقمية غير مسبوقة؛ كافٍ لإثبات أثر رؤية السعودية 2030 على هذه الرحلة، والقطاع بأكمله، والاقتصاد الرقمي الذي شكّل قيمة مضافة للناتج المحلي الإجمالي، وأيضاً ما تحقق من جودة الخدمات الرقمية الحكومية بكفاءة أكبر، وإنتاجية أعلى، وتجربة مستفيد أفضل.
لقد بدأ التحول الرقمي مع هيئة الحكومة الرقمية في مارس 2021 على أساس تسريع النمو وتطبيق الحوكمة والتنظيم، ثم العمل على تحقيق التميّز في الخدمات الحكومية الرقمية والوصول إلى الريادة عالمياً في المؤشرات الدولية، وبالتالي أصبحت الهيئة كجهة إشرافية وتنظيمية للمشهد الرقمي في المملكة؛ وسيلة لغايات أكبر في التكامل مع الجهات الحكومية للوصول إلى تلك المستهدفات، من خلال برامج «الحكومة الشاملة»، و«قدراتك»، و«رحلات الحياة»، و«الشمولية الرقمية»، وما يصدر عن الهيئة من مؤشرات وطنية تعزز من مكانة المملكة الرقمية عالمياً، ومن ذلك مؤشرات «قياس التحول الرقمي»، و«نضج التجربة الرقمية»، و«تبني التقنيات الناشئة»، و«كفاءة المواقع الإلكترونية والمحتوى الرقمي»، إضافة إلى المساهمة في تمكين الأعمال، وزيادة كفاءة الاستثمار الرقمي في المملكة.
أتذكر تماماً في تجربتي عملي السابقة في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؛ كيف هي العلاقة بين هيئة الحكومة الرقمية ووكالة التحول الرقمي في الوزارة -ومثلها بالتأكيد مع وكالات وإدارات التقنية في القطاعات الحكومية الأخرى-، حيث كان العاملون في الهيئة هم امتداد بالدعم والمشورة والتنسيق للجهود والنجاحات التي تحققت، ويعملون جنباً إلى جنب مع كل فرد في المنظومة التقنية للوزارة، فمثلاً أتذكر اجتماعات العمل حول إطلاق برامج جديدة في منصة التأهيل والتوجيه الاجتماعي، وخدمات العمل في منصة قوى، وبرامج أخرى في منصة الضمان الاجتماعي، وأسهمت هذه الجهود مجتمعة في تشكيل «نسيج رقمي» واحد غايته الكبرى هو ما ستحققه المملكة في المؤشرات الدولية.
اليوم قفزت المملكة العربية السعودية (25) مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية 2024، مقارنة بـ(12) مرتبة في العام 2022؛ لتكون ضمن مجموعة الدول الرائدة على مستوى العالم، وحققت المركز (الرابع) عالمياً و(الأول) إقليمياً و(الثاني) على دول مجموعة العشرين في مؤشر الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى تحقيق المركز (السابع) في مؤشر المشاركة الإلكترونية، كما حققت مدينة الرياض المركز (الثالث) من بين (193) مدينة حول العالم.
هذه الأرقام شاهدة على ما تحقق في فترة وجيزة جداً من عمل هيئة الحكومة الرقمية في إدارة وتنظيم البنية الرقمية الوطنية، والشراكة والتكامل مع الجهات الحكومية الأخرى، وتأكيد أيضاً على قوة ومتانة البنية التحتية الرقمية في المملكة، وما تمتاز به من نضج وقدرة، وتبنٍ لأحدث الحلول الرقمية، والنماذج الابتكارية غير التقليدية، كما أن هذه الأرقام رفعت من سقف الطموحات السعودية عالياً لتحقيق مستهدفات أكبر في المستقبل، وتعزيز موقعها في التنافسية العالمية، والأهم تشجيع القيادات والكفاءات الواعدة في مجال التحول الرقمي؛ لتحقيق مكتسبات وطنية جديدة ومتنوعة تساهم في رفع كفاءة الإنجاز؛ وفق رؤية صنعت الفارق قبل 2030.