في هذا الحوار العميق والمفصل، نستضيف في «عكاظ» محمد الدعيع، أسطورة حراسة المرمى وأحد أبرز رموز كرة القدم السعودية والآسيوية، الذي يأخذنا في رحلة شاملة عبر حياته وتجربته الرياضية الغنية. يبدأ الدعيع من ذكريات طفولته في مدينة حائل، حيث رأى النور في بيت طيني تحت الدرج، وعاش في كنف أسرة بسيطة كريمة. تلك البدايات الصعبة شكلت جزءاًً كبيراًً من شخصيته، إذ اكتسب من خلالها قوة الإرادة والتصميم على النجاح. يتحدث بتأثر عن والدته، نورة، التي كانت تعمل في سوق برزان، حيث تجسد قصتها صبر وعزيمة المرأة السعودية في مواجهة التحديات، وأخيه عبدالله الذي كان له دور محوري في توجيهه ودعمه في مسيرته.
يمتد الحديث إلى تجربته مع نادي الهلال، حيث يعتبره الدعيع أكثر من مجرد نادٍ، بل يراه كياناًً يمثل جزءاًً من هويته. يروي لنا كيف كانت الجماهير دائماًً مصدر إلهام له، ودورها المحوري في دفعه لتقديم أفضل ما لديه. يعكس حبه العميق للزعيم من خلال العديد من المواقف التي عاشها، حيث يتذكر لحظات الانتصارات والنجاحات، وأيضاًً الأوقات الصعبة التي ساهمت في تشكيل شخصيته الاحترافية.
وعندما يتطرق إلى محمد نور، يكشف الدعيع عمق العلاقة الأخوية التي تجمعهما. يتذكر كيف كانت المفاوضات حول انتقال نور إلى الهلال قريبة من الحدوث، وكيف أن نور كان دائما قريبا منه. هذه العلاقة ليست فقط قائمة على الصداقة، بل أيضاًً على الاحترام المتبادل بين رفاق الأخضر السعودي.
عند الحديث عن مستقبل المنتخب السعودي، يقدم الدعيع رؤيته الواضحة حول ضرورة التغيير والتطوير في أساليب الإدارة والتدريب. يؤكد أهمية وجود مدرب طموح يمتلك رؤية واضحة للمستقبل، ويشير إلى التحديات التي تواجه المنتخب في المنافسات القادمة. يبرز أيضاًً الحاجة لدعم كرة القدم النسائية، مؤكداًً أن وجود العنصر النسائي في الرياضة يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق التوازن والمساواة.
كما يستعرض الدعيع رؤيته حول اللاعبين الحاليين، مشدداًً على ضرورة الاستفادة من تجارب الحراس المميزين في العالم، مثل ياسين بونو، وكيف أن الخبرات العالمية يمكن أن تسهم في تطوير الأداء المحلي. يتحدث أيضاًً عن ذكرياته مع المباريات التي تركت أثراًً في قلبه، وكيف شكلت تلك اللحظات جزءاًً لا يتجزأ من تاريخ كرة القدم السعودية.
هذا الحوار ليس مجرد سرد لتجربة شخصية، بل هو عبارة عن عرض شامل لتفاصيل حياة رجل عاش شغف كرة القدم، وكرّس حياته لصناعة تاريخ جديد للرياضة في بلاده. يقدم الدعيع عبر كلماته ملحمة من الإلهام والطموح، ويعكس الإيمان بقوة اللعبة كوسيلة للتوحد والتطور. إن هذه التجربة تعكس أيضاًً كيف يمكن للرياضة أن تكون رافعة للتغيير الاجتماعي والثقافي، مما يجعل هذا الحوار نافذة فريدة على عالم مليء بالإلهام والتحديات.. فإلى تفاصيل الحوار:
• كيف كانت طفولتك؟ وماذا تعني لك مدينة حائل؟
•• حائل بالنسبة لي هي الدنيا، وعند الحديث عنها لا أستطيع التعبير عنها، أما بالنسبة لطفولتي فكانت عادية وبريئة وفيها بعض المعاناة، وِلدت في بيت طيني تحت الدرج، وكنت من عائلة فقيرة، أمي نورة كانت تبيع في سوق برزان في حائل، ووالدي يعمل «كدّادا» من حائل للرياض، ولم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب، إلا بفضل من الله ثم بفضل موهبة أخي عبد الله الدعيع، الذي تبناني وتعب علي ولا أستطيع حصر أفضاله على حياتنا وعليّ أنا شخصياًً.
• على ماذا يعتمد اللاعب الأسطوري بعد اعتزاله ليكون على تواصل مع جمهوره؟
•• التواصل الاجتماعي وحضوري لمباريات الهلال، وكل جمهوري يستطيعون الوصول لي اليوم
وكل جماهير السعودية يحبونني، إلا مواليد الـ2000 ما يعرفوني، وأنا أحب استمرار المزح المُحترم مع كل الجماهير السعودية.
• إثارة الجدل بعد الاعتزال، تعويض عن نجوميّة الماضي؟ أم طمع في المحافظة على صوت الجمهور؟
•• لا بالعكس، أعتقد أنه بذلك يحافظ على ذكره الطيب طالما ذلك في حدود الاحترام، وجمهوري شخصياًً متواصل ومُحب لي حتى اليوم.
• عملت إعلاناً لإحدى شركات الألبان سابقا، كيف ترى إعلانات اللاعبين حالياًً وتوجههم لمواقع التواصل؟ وهل المردود المادي مُجزٍ؟
•• طالما أن اللاعب مُلتزم باللوائح والأنظمة وحاصل على ترخيص فلا بأس، أما عن المردود المادي فأنا شخصيا تركيزي في الإعلان على مدى فائدته للجمهور وليس على المردود المادي.
• كنت تنوي الاعتزال بعد مباراة الهلال والاتفاق، لكن القرار تأجل لعامين. ما السبب؟
•• في مباراة الاتفاق «كأس ولي العهد» كانت آخر مباراة لي في مشواري ولدي وقتها رغبة في الاعتزال، ولكن طلب مني راعي المباراة الملك سلمان، حفظه الله، تأجيل اعتزالي فاستمررت لأجل طلب والدي سلمان وأكملت عامين من التألق والنجاح.
• من هو المسؤول الكبير الذي حرمك من المشاركة في مونديال ٢٠٠٦؟
•• لا أريد ذكر اسمه، وأقول له من خلال «عكاظ»: «حسبي الله ونعم الوكيل فيك».
• محمد بن فيصل، عبدالرحمن بن مساعد، فهد بن نافل، مع حفظ الألقاب رتبهم حسب الأفضلية، وماذا تقول لفهد بن نافل عبر هذا الحوار؟
•• مستحيل أفضّل واحدا على الآخر، جميعهم خدموا الهلال وحققوا إنجازات غير عادية ومُرضية للجمهور. وأقول لفهد بن نافل: استمر ونحن معك.
• كيف ترى الهلال برئاسة «فهد بن نافل»، وما مدى علاقتك به؟
•• فهد صديق قريب جدا لي من قبل رئاسته ولم أذكر بأنه ينوي رئاسة الهلال، فقد كان مشجعا عاديا ونحضر مباريات الهلال معا في الملعب، ولكنه بعدما صار رئيس الهلال برؤية واختيار الأمير الوليد بن طلال، أثبت نجاحه واسمه بين رؤساء الهلال. وبالمناسبة أنا انتقلت للهلال من الطائي بفضل الله ثم بفضل الأمير الوليد بن طلال في عهد الأمير بندر بن محمد.
• على من تُراهن في حماية شباك المنتخب في السنوات الخمس القادمة؟
•• سؤال صعب، مع احترامي للمسؤولين عن المنتخب، لكن لا أحد يستطيع الجواب حاليا.
• ماذا يحتاج المنتخب اليوم؟
•• نحتاج مدربا طموحا وغير متغطرس مثل «مانشيني» مع احترامي لشخصه، وكذلك نحتاج تغييرا للإدارة بالكامل، لأن لدينا طموحات في المستقبل ومنافسات أقربها 2027 وتحتاج إلى عقلية جديدة.
• هل محمد العويس يمتلك إمكانيات عالية وبسبب عدم الاستقرار مع فريقه لم تبرز صورته بالشكل المطلوب؟
•• نعم لديه إمكانيات عالية، وأنا مدحته في بداياته مع الشباب، وقلت: «الكرة السعودية قادمة مع حارس عظيم، وأثر عليه عدم الاستقرار»، وسبق أن قلت له أيضا: «فكّر في المنتخب السعودي، وبسبب وجود أفضل حارس بالعالم لدى الهلال، أنت موجود في الاحتياط، وهو أفضل حارس سعودي، وأتمنى أن يستفيد من ياسين بونو».
• لو كنت مدرب حرّاس، على ماذا تركز في الحارس ياسين بونو؟
•• ياسين بونو أفضل حارس بالعالم، ولو كنت مدربا فلن أستطيع إضافة شيء له، فلديه تمركز عالٍ وردة فعل رائعة، وهو الذي من الممكن أن يضيف لي شيئا لم أتعلمه في مسيرتي كحارس كرة قدم سابق، مع أنني حارس القرن في آسيا، ولكن بونو متفوق عالميا.
• كيف استطعتم الخروج بشباك نظيفة أمام الاتحاد في مباراة «شعرة ياسر» ؟
•• في هذه المباراة كانت لدينا مشاكل وإصابات، حتى ياسر لم يكن جاهزا، ذهبنا إلى جدة وكنا أنا وياسر سوياًً أغلب الوقت، فقال لي ياسر إن لديه رغبة بالتسجيل، فقلت له: «سجّل وخل الباقي علي»، وسجّل فعلا.. رغم أنها مباراة صعبة وكنا تحت الضغط بسبب الرطوبة وعوامل أخرى، إلا أننا في النهاية انتصرنا ولله الحمد.
• محمد نور ومحمد الدعيع ثنائي اتفق على محبتهما الجميع، هل تمنيت هذه العلاقة تحت مظلة الهلال؟ وكيف تصف علاقتك بمحمد نور اليوم على المستوى الشخصي؟
•• نعم، وفاوضته شخصياًً، وعرضنا عليه 30 مليونا، وكان محمد نور ربما يكون هلاليا حينها، لولا منصور البلوي، هذا الحديث في عهد الأمير محمد بن فيصل، وعلاقتي الشخصية بأبي نوران أكثر من صديق، فهو أخي الذي لم تنجبه أمي وعلاقتي به قوية جدا منذ أن عرفته حتى اليوم، وإذا كان ضيفكم في المستقبل أسأليه: تحب محمد الدعيع وإلا لا؟
• ما الذي لفت نظرك في جيسوس وماذا تقول عنه اليوم؟
•• أقول له واصل على نفس شخصيتك وأسلوبك، أنا قريب من النادي وأرى تعامله الرائع مع الجميع، فهو مدرب ذو شخصية ملهمة وغير عادية فنيا واجتماعيا.
• ماذا قدم الهلال لنيمار؟ وماذا أضاف نيمار للهلال؟
•• الهلال قدم كل شيء لنيمار، أما نيمار حتى هذه اللحظة لم يقدم أي شيء، إذا كانت صفقته نجحت إعلامياًً فالهلال عالمي قبل نيمار.
• كيف ترى مستوى رونالدو في النصر بشكل عام؟ وهل الصفقة نجحت رياضيا كما نجحت إعلاميا؟
•• نعم نجحت إعلاميا لأنه أفضل لاعب في العالم، ولكنه لم يُقدم شيئا جديرا بالذكر للنصر، النادي أكبر من اللاعب مع احترامي لرونالدو، والنصر موجود من قبل أن يولد رونالدو وهذا كل شيء.
• قلت: «النصر في عهدي لم يتفوق إلا ٣ مرات فقط»، هل نادي النصر نادٍ متفوق اليوم؟
•• إعلاميا مع وجود رونالدو ممكن، أما فنيا لا.
• كيف ترى انتقال سعود عبدالحميد، وهل سيثبت نفسه أم لا؟
•• أتمنى أنه يثبت نفسه، لأنه من اللاعبين الذين نعوّل عليهم.
• لو كنت وزيرا للرياضة، ما أول 3 قرارات تتخذها؟
•• لا يمكن أن أزيد على قرارات الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، فهو وزير غير عادي وقدم شيئا لا يستطيع أحد منافسته، فهو الرجل المناسب في المكان المناسب، وشهادتي فيه مجروحة.. وله أثر إيجابي كبير جدا على الرياضة السعودية.
• هل سلمان الفرج أفضل قائد في تاريخ الهلال؟
•• لا، الإمبراطور «صالح النعيمة» هو أفضل قائد في تاريخ الهلال، مع تقديري واحترامي للقائد سلمان الفرج.
• لو كانت «تقنية الفار» موجودة منذ زمنٍ بعيد، هل للهلال بطولات ذهبت بأخطاء تحكيمية؟
•• نعم، على سبيل المثال مباراة الهلال وسيدني في نهائي كأس آسيا، ولو كان الفار موجودا لحققنا كأس آسيا حينها.
• كلاعب كرة يد سابق وحارس كرة قدم فارق، ما الكُرة التي خذلتك يدك في صدّها؟ وتُصفق للاعبها حتى اليوم؟
•• في ركلات الترجيح، نهائي كأس آسيا بين السعودية والإمارات عام 1996، من اللاعب خميس سعد.
• من أفضل لاعب أجنبي مر على تاريخ الهلال في عهدك؟ وفي العهد الحالي؟
•• في عهدي: تياقو نيفيز.
وحالياًً: بونو - ميتروفيتش.
• من أكثر لاعب سجل في شباك محمد الدعيع؟
•• اللاعب الكبير محيسن الجمعان.
• لننهِ الجدال من هو أسطورة الكرة السعودية؟
•• يوسف الثنيان.
• من هو أفضل حارس في تاريخ كرة القدم السعودية؟
•• بلا شك، عبدالله الدعيع.
• من الفنان الذي أطربك في غنائه للهلال؟
•• فؤاد عبدالواحد.
• كعاشق للكيان الأزرق، هل أنت راضٍ اليوم؟
•• راضٍ كل الرضا.
• من هو المُعلق الذي يُمتعك في مشاهدة الدوري السعودي؟
•• بشكل عام، يمتعني عصام الشوالي، ورؤوف خليف.
• كرة القدم للسيدات.. ماذا ستقدم لتاريخ الرياضة السعودية؟ وما رسالتك للزعيمات في المستطيل الأخضر؟
•• خطوة موفقة، فالعنصر النسائي مهم في المجتمع ونتمنى مشاركة ونجاح بناتنا وأخواتنا في أهم المسابقات الرياضية، والدولة لا تُفرّق بين الرجل والمرأة، ولدينا كوادر طموحة ومتألقة وأتطلع أن تكون كرة القدم النسائية بنفس مستوى كرة القدم الرجالية، وأنا متابع لهن وفخور بهن.
• تربطك علاقة ودية مع معالي المستشار تركي آل الشيخ.. ماذا تقول له عبر هذا الحوار؟
•• أبو ناصر، المُفكر خارج الصندوق، وليس مستغربا على معالي المستشار هذا النجاح وآخر ما فعله قناة الهلال، فهو أسعد العالم العربي، والرياض أصبحت اليوم وجهة سياحية مهمة في العالم، ولن أوفيه حقه. وأشكره مقدماًً بالنيابة عن كل الهلاليين على حفل اعتزال محمد الشلهوب ضمن فعاليات موسم الرياض.
• كيف تعلّق على حادثة فهد المولد؟
•• فجعني الخبر، وأتمنى أن يتعافى بأسرع وقت ليطمئن عليه أهله ثم محبوه، فهد لاعب خدم الكرة السعودية، أتمنى له الشفاء العاجل وأن يعود لنا بكامل عافيته.
• لمن تعتذر عبر هذا الحوار؟
•• لأي شخص فهم كلامي يوما بشكل خاطئ.