صورة للعالم من منظور عين الطائر -كما يسميها الرسامون والمعماريون- نرى أسفل منّا مظاهرات حاشدة في بريطانيا لطرد اللاجئين، والشعب البنغلاديشي خارج المنازل يقوم بطرد الرئيسة حسينة من البلاد، وإسرائيل ترتكب إبادتها الجماعية دافعة المواجهات لحدود لبنان.. هذا غير القصف الروسي/ الأوكراني، أما الأمريكيون فيتلاسنون ويتبادلون التهم بين أنصار ترمب وكامالا هاريس... إلخ.
أغلب هذه الدول ترى في نفسها أنها دول ديمقراطية، وإذا سألت هناك ما هي الديمقراطية سيحيلونك للمعنى الإغريقي «ديمو» شعب «قراطيا» حكم. إذن هي حكم الشعب يعني حكم الأغلبية، لكن وفقاً للأرقام الديمقراطية هي حكم الأقلية.
في نظام الديمقراطية التمثيلية الحالي، بعض البلدان لديها نظام متعدد الأحزاب، في حين أن بلداناً أخرى (مثل أمريكا) لديها نظام ثنائي الحزب.
لذلك فإن هذه الأحزاب لديها ممثلون فيها، وهؤلاء الممثلون يقومون بحملات انتخابية على أمل أن يتم انتخابهم لمناصب سياسية.
وللمشاركة في الانتخابات كممثل أو ناخب، يجب أن تتوفر فيك بعض الشروط: أن تكون مواطناً، وأن يكون لديك بطاقة ناخب، وأن تكون مقيماً في المنطقة التي سجلت فيها لتتمكن من الإدلاء بصوتك، وأن يكون عمرك أكثر من 18 عاماً.
مرةً قرأت في دراسة قديمة أرقاماً تثبت وجهة النظر التي تقول إن الديمقراطية هي حكم الأقلية وهي على النحو التالي حسبما أتذكر:
في حين يتم إبعاد من هم دون سن 18 عاماً بسبب سنهم (ولا شيء أكثر من ذلك)، فإن من هم فوق سن 18 عاماً لا يزالون مهمشين ولنفترض أن هؤلاء يشكلون ما نسبته 10% من تعداد السكان.
يتبقى لدينا 90%.. من بين هذه النسبة 90% التي تستوفي المعايير، لن يدلي 5% بأصواتهم بسبب ظروف غير متوقعة مثل المرض أو الوفاة قبل الانتخابات أو أثنائها أو فقدان البطاقة. لذا يتبقى لدينا 85%. من بين هذه النسبة 85%، سيكون 5% على الأقل من الأصوات باطلة ولاغية.. هذا سيناريو شائع في الانتخابات الديمقراطية. ثم يتبقى لدينا 80%؛ لذا فإن هذه النسبة 80% هي التي سيتم تقاسمها لتحديد الأغلبية. الآن حيث لدينا نظام الحزبين، يفوز الممثل الذي يحصل على 41% على الأقل بالانتخابات.
وبناءً عليه، أعتقد أن الديمقراطية تمثل الأقلية القليلة التي تختار ممثلاً لها.
أما «الأغلبية» فهي مجرد كلمة لبيع الديمقراطية للشعوب الأخرى.