كانت الرياض، زيارتي الأولى لها بدافع الحضور للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي بنسختها الثالثة برعاية سمو الأمير محمد بن سلمان، والتي كان عنوانها (الذكاء الاصطناعي لخير البشرية). منذ اللحظة التي وطأت فيها قدماي أرض المملكة، شعرت بأنني في قلب ثورة تكنولوجية. كانت الرياض، العاصمة النابضة بالحياة، تعج بالابتكارات والتقنيات الحديثة التي تعكس رؤية المملكة 2030. هذا الحدث الضخم جمع نخبة من الخبراء والمبتكرين من شتى أنحاء العالم، وشاركت عشرات الشركات المحلية والعالمية مثل أرامكو وميكروسوفت وIBM وغوغل وغيرها لتعرض آخر ابتكاراتها وما توصلت إليه من حلول باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما استعرضت خططها المستقبلية. بالإضافة إلى الصحة والتعليم، السياحة والترفيه كلها في هذه القمة. أكثر من مئة دولة وأكثر من 450 متحدثاً، كما تجاوز الحضور 50 ألف زائر مما جعله فرصة مثالية لاستكشاف أحدث التطورات في هذا المجال الواعد. كذلك تم توقيع أكثر من 70 اتفاقية ومذكرة تفاهم محلية ودولية على هامش هذه القمة. أكثر من 150 جلسة حوارية وأكثر من 25 إطلاقاً محلياً ودولياً، والأبرز عن إعلان المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي كمركز من الفئة الثانية برعاية اليونسكو.
بيد أن زيارتي للرياض تجاوزت مجرد المشاركة في القمة، فقد كانت رحلة استكشاف لثقافة غنية وتاريخ عريق، فضلاً عن فرصة لتجربة كرم الضيافة العربية الأصيل.
لم تكن القمة مجرد تجمع علمي، بل كانت بمثابة احتفال بالإبداع البشري وقدرة التكنولوجيا على تغيير العالم. لقد استمتعت بالمحاضرات والورش التي قدّمت رؤى عميقة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف المجالات. كما كانت الفرصة سانحة للتواصل مع خبراء في هذا المجال وتبادل الأفكار والخبرات.
بالتوازي مع المشاركة في القمة، خصصت وقتاً لاستكشاف مدينة الرياض. وقد أسرني جمال المدينة الحديثة الذي يمتزج بعمق مع تراثها العريق. من المعالم الأثرية والتاريخية إلى مراكز التسوق الفاخرة والحدائق الخلابة، كانت الرياض تقدم تجربة متنوعة تلبي مختلف الأذواق.
ولكن ما لفت انتباهي أكثر هو كرم الضيافة الذي أستقبله من الشعب السعودي. لقد شعرت بالترحيب الحار في كل مكان ذهبت إليه، سواء كان ذلك في الفندق أو المطاعم أو الأماكن العامة. كانت الابتسامات والترحيبات الصادقة ترافقني في كل خطوة، مما جعلني أشعر وكأنني في بيتي.
كما أنني التقيت بعدد كبير من أفراد الجالية اللبنانية الذين يعيشون ويعملون هناك. لقد عبّروا عن مدى امتنانهم للمعاملة الطيبة التي يتلقونها من المملكة، حيث يعتبرونها بمثابة بلدهم الثاني. ويثمنون الفرص التي تُتاح لهم للعمل والعيش بكرامة.
أشار العديد منهم إلى أن الحكومة السعودية تقدم دعماً كبيراً للمغتربين، مما يسهل عليهم التكيف والاندماج في المجتمع السعودي. كما أن العلاقات الثقافية والاقتصادية بين لبنان والسعودية تساهم في تعزيز هذا الشعور بالانتماء، حيث يُعتبر اللبنانيون جزءاً من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في المملكة.
في الختام، يمكنني القول بأن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي لم تكن مجرد حدث تقني، بل كانت بوابة لاكتشاف قلب المملكة العربية السعودية. أدهشني التقدم التكنولوجي وحسن الضيافة، وأصبحت لدي ذكريات وتجارب لا تُنسى. أتطلع إلى العودة مرة أخرى لاكتشاف المزيد والمساهمة في هذا التقدم المذهل.