منذ ثلاثة أيام وشعور الفرح لم تفارقه، فبعد سنوات من الغربة سيلتقي زملاء الأمس وأصدقاء اليوم، وسيجلس بينهم راوياً لهم تجربته في الغربة لنيل الدكتوراه في علم الهندسة التي غرم بها منذ الطفولة.
وفي الليلة الموعودة، استعد (مازن) للمناسبة، وجهز كل حاجاتها، وطلب من ابنه البكر (ماجد)، أن يرافقه في مشواره ليتعرف على أصدقائه وزملاء دراسته. دخلا القاعة التي أعدها الزملاء، فعانقهم بحرارة مستذكرين مقاعد الدراسة التي جمعتهم والماضي الذي عاشوه والمواقف التي دارت بينهم.
وعندما حانت الساعة، قام أحدهم مُرحباً بالضيف (مازن)، سارداً بعض تفاصيل جمعتهم في سنوات الطفولة في الحي الذي سكنوه ومرحلة الشباب التي ترافقا فيها، وطلب من زميل الأمس أن يسرد لهم حكايته مع علم الهندسة التي طالما عشقها منذ الطفولة، وعن حياته في الغربة وكيف تغلب عليها وشعوره عند عودته للوطن.
وصعد (مازن) المسرح وحيّ الحضور، وبدأ في سرد مشوار حياته، وفي لحظات بدا غير قادر على نطق الكلمات بوضوح فالحازوقة (الزغطة) داهمته ومنعته من نطق الحروف بشكل واضح، وحاول كعادته كلما داهمه (الفواق) أن يتجرّع الماء ويصمت ويجرى بعض الحركات الرياضية للتخلص منها؛ لكنها هذه المرة أبت أن تفارقه واستمرت معه فاعتذر من زملائه، وأخبرهم أن (الزغطة) تلازمه كثيراً وتحرجه وقد حاول التخلص منها بشتى الطرق لكنها في مواقف كثيرة تتغلب عليه.
اضغط على مقلة العين
استشاري طب الباطنة الدكتور عبدالله باعطية، وصف (الفواق) بتشنجات متكررة غير إرادية للحجاب الحاجز وعضلات الاضلاع مؤدياً الى شهيق مفاجئ وانغلاق لسان المزمار فنوبات الفواق البسيطة أقل من 48 ساعة غالباً تنتهي دون أي تدخل ولا تحتاج إلى المزيد من الفحوصات، ومن أسبابها الإفراط في تناول المشروبات الغازية والإفراط في الطعام، وبلع الهواء مع مضغ العلكة أو التدخين والتوتر والقلق النفسي أو تكون غير معروفة الأسباب، فيما تحتاج نوبات (الفواق) المستمرة التي تمتد أكثر من 48 ساعة إلى زيارة الطبيب؛ لأخذ التاريخ المرضي والفحص السريري وعمل تحاليل وأشعات وتنظير إن لزم الأمر.
وأشار الاستشاري باعطية إلى أنه في الغالب من أسباب الفواق (الزغطة)؛ إما تهيج أو تلف في الأعصاب المغذية للحجاب الحاجز التهاب المعدة والارتجاع المعدي المري والفتق في المعدة وأورام المعدة أو المريء، بعد العمليات الجراحية، وقصور الكلى، اختلال الأملاح والمعادن ومرض السكري غير المنتظم، وبعض أنواع العلاجات، أو وجود ضرر في الأعصاب المركزية كالسكتة الدماغية، التهاب الدماغ أو الأغشية المحيطة، التصلب اللويحي وإصابات وأورام الدماغ وغيرها. كما تتداخل الفواق مع جودة الحياة من أكل وشرب ونوم وتحدث. والفواق المستمر يؤدي إلى جفاف وسوء التغذية وألم في العضلات وأرق واضطراب في النوم وتغير الحالة النفسية للمريض.
طبيب الباطنة باعطية، أوضح وجود بعض الطرق والدراسات غير مؤكدة، التي قد تنهي (الفواق البسيط)؛ مثل شرب الماء أو الغرغرة بماء بارد وقضم الليمون، وحبس النفس لمدة 5 إلى 10 ثوانٍ، وأداء مناورة والضغط بلطف على مقلة العين وغيرها، وإذا لم تستجب، هناك بعض العلاجات الدوائية تصرف عن طريق الطبيب كمضادات حمض المعدة ومضادات القيء ومرخيات العضلات وغيرها من العلاجات.
تقلصات تغلق الحبال الصوتية
استشاري طب الأسرة بمركز الأمير عبدالمجيد التابع لمستشفى الثغر بجدة الدكتور محمد جمعة، قال: «إن (الفواق) تقلصات غير إرادية للحجاب الحاجز للعضلة الموجودة أسفل الرئتين مباشرة، التي تفصل الصدر عن البطن، ويتبع التقلصات إطباق سريع للحبال الصوتية يؤدي إلى صدور الصوت، ولا يوجد شيء يستدعي القلق إلا لو استمرّت الأعراض أكثر من 48 ساعة متواصلة، هنا يأتي مراجعة الطبيب المختص ضرورة لمعرفة السبب وصرف العلاج، أما إذا داهمت الإنسان لبضع دقائق فهو أمر عادي».
ومن العلاجات المساعدة الفورية لمن يصاب بالزغطة حبس النفس أو التنفس في كيس، فحدوث انتفاخ في المعدة لدى البعض يعود في الأغلب لنوعية الأكل والنظام الغذائي الذي يتبعه الشخص ولا داعي للقلق. وعن استمرار (الفواق) لدى البعض وهل ينذر ذلك بوجود مشكلات صحية، قال استشاري طب الأسرة جمعة: «في الأغلب لا»، لكن قد يسبب ازعاجاً وعدم ارتياح في التنفس والأكل والنوم وسائر الأعمال اليومية. موضحاً أن الفواق (الزغطة) قد تكون مرضاً وقد تكون عارضاً بحسب الحالة مثال شخص مريض بالسكري أو التهاب في الجهاز العصبي المركزي، هنا تصبح مرضاً؛ بسبب التهاب في الأعصاب أو تلف بها، لكن تعتبر مشكلة صحية نادرة.
الاستشاري بمركز الأمير عبدالمجيد بجدة الطبيب جمعة، أكد ما يردده البعض أن معاناتهم المتكررة من (الزغطات) تعود إلى الحالة النفسية للشخص والشعور بالاضطرابات والقلق، مبيناً أن المرض النفسي سبب في وجود أعراض أمراض عضوية والعكس صحيح وعلى الطبيب المعالج التنبه جيداً لهذه النقطة.
وينفي ما يردده البعض أن الإصابة (بالزغطة) يرجع لتغير درجة حرارة الجسم بشكل مفاجئ، وذلك لعدم وجود أي دليل علمي على أن تغير درجة حرارة الجسم يؤدي إلى حدوث أو التسبب بالزغطة.
حالة عابرة ومؤقتة
أخصائي أول باطنة الدكتور محمد رمضان، قال: إن الزغطة في الغالب مجرد حالة عابرة ومؤقتة، وعادة تنتهي تلقائياً، وقد تستمر في بعض الحالات الأخرى لفترات طويلة، فالمعاناة من (الحازوقة) المزعجة، قد تكون علامة تحذير لمشكلة في القلب؛ لذلك من الضروري مراجعة طبيب القلب، فاستمرارية (الفواق) من أولى علامات تلف عضلة القلب أو النوبة القلبية. مشيراً إلى أن عدم حصول القلب على كمية كافية من الأكسجين يمكن أن يؤدي إلى تهيج أعصاب الحجاب الحاجز. ويضيف: إن تكرُّر الزغطة عادة يرتبط ببعض الأمراض؛ منها أمراض الجهاز الهضمي وانسداد الأمعاء الدقيقة أو وجود التهاب في الأمعاء والإصابة بالتهاب رئوي أو ربو والإفراط في استهلاك الكحول وتضخم الغدة الرقية ووجود مشكلات في الكبد والكلى والشعور بالحزن والتوتر والقلق التي تعتبر ردود أفعال نفسية لمواقف يتعرض لها الإنسان.
ويوضح أخصائي الباطنة الطبيب رمضان، أنه« حتى الآن لا يوجد أي معرفة حقيقية للسبب الرئيسي لوقوع (الزغطة)، فالأطباء الباحثون يعتقدون أن تعرض الإنسان لتهيج في الأعصاب أو في أجزاء الدماغ هي خلف ظهور (الزغطة)؛ لذلك ينصح الأشخاص الذين تتكرر معهم هذه (الزغطة) وتستمر أكثر من 48 ساعة بمراجعة الطبيب».
إغلاق مزعج للمزمار
يصف الطبيب رمضان: أن (الزغطة) هي تقلصات غير إرادية لدقائق في الحجاب الحاجز في الجسم لا تستمر لفترة أطول، في حين أن (الفواق) تستمر لأكثر من 48 ساعة؛ نتيجة حالات تشنُّج مُتكرِّرة غير إرادية في الحجاب الحاجز، يتبعها إغلاقٌ مزعج وسريع للمزمار. (الحجاب الحاجز هو العضلة التي تفصل الصدر عن البطن)، وهي المسؤولة عن كل حركة تنفس. (المزمار هو فتحةٌ بين الحبال الصوتية تُغلَق لإيقاف جريان الهواء إلى الرئتين) يكون حدوث الفُواق أكثر شُيُوعاً بين الرجال.
ويشير الدكتور رمضان إلى ان أسباب إصابة حديثي الولادة والأطفال بالحازوقة يعود لزيادة كمية الطعام أو الحليب عن اللازم أو أن الطفل يأكل بسرعة مما يؤدي لابتلاعه المزيد من الهواء، موضحاً أن علاج (الحازوقة) عند حديثي الولادة والأطفال من خلال فرك ظهر الطفل وهزه ذهاباً وإياباً على الاسترخاء، وجعل الطفل يتجشأ أثناء التبديل بين الثديين فيما قد يساعد مص اللهاية على إرخاء الحجاب الحاجز وإيقاف الفواق.
تنفّس في كيس ورقي
الإدارة العامة للتثقيف الإكلينيكي بوزارة الصحة، أوضحت من خلال موقعها الإلكتروني، أن (الفواق) هو تقلصات غير إرادية للحجاب الحاجز، (العضلة الموجودة أسفل الرئتين مباشره، التي تفصل الصدر عن البطن) ويتبع هذه التقلصات إطباق سريع للحبال الصوتية يؤدي إلى صدور الصوت المعروف (بالحازوقة)، تستمر نوبة (الفواق) عاده بضع دقائق في معظم الأشخاص، لكن على الشخص أن يستشير الطبيب إذا استمر (الفواق) أكثر من يومين، وأن من أسبابها: شرب المشروبات الغازية، التدخين، الإفراط في تناول الطعام مع التغير المفاجئ في درجه حرارة المعدة مثل شرب مشروبات حارة ومن ثم باردة، تناول الطعام بسرعة أو تناول الأطعمة الحراقة، الضغط النفسي التغيرات المفاجئة في درجات حرارة الغرفة، ابتلاع الهواء أثناء مضغ العلكة.
مشيرةً إلى أن معظم حالات (الفواق) تزول من تلقاء نفسها دون علاج طبي، فالعلاجات المستخدمة في حالات نوبات (الفواق) المستمر لأكثر من يومين.
وزارة الصحة أوضحت أن الاعراض والعلامة الوحيدة (للفواق) هي الصوت المميز، وفي بعض الأحيان قد يشعر الشخص أيضاً بشد بسيط في الصدر أو البطن أو الحلق يسبق الصوت الفواق، هنا ينبغي مراجعة الطبيب خصوصاً إذا استمر أكثر من 48 ساعة، أو إذا كان شديداً لدرجة أن يسبب مشكلات مع الأكل والنوم أو التنفس. مشيرةً إلى أن من العلاجات السريعة للتخلص منها أكل الفواكه، التنفس في كيس ورقي، والغرغرة بالماء والثلج وشرب أو رش بالماء البارد مع حبس التنفس.