قبل حوالى 25 عاماً، سألني سائق التاكسي الأصفر بمدينة نيويورك إذا كانت كل أسرة في السعودية تملك بئر البترول الخاص بها في حديقة منزلها وتملأ منه سياراتها بالوقود، أدهشني خياله بقدر جهله بحاجة النفط الخام للتكرير، وكان والدي، رحمه الله، يردد علينا قصة أمريكي سأله عن كيفية وصوله من السعودية إلى أمريكا، عندما كان يعمل في أمريكا مطلع السبعينات ظناً منه أنه وصل على ظهور الجمال !
هذه السذاجة كانت موجودة عند بعض الأمريكيين وكنت أظن أنها تراجعت مع الانفتاح المعرفي الذي وفرته ثورة الإنترنت حتى صادفت قبل أيام أمريكياً في إحدى الدول الأوروبية يتحدث عن بلادي، وكأنها أرض صحراوية تسودها غارات عصابات قطاع الطرق، قلت له ساخراً يبدو أنك تحب مشاهدة أفلام علي بابا الهوليودية، وعندما شرحت له واقع الحياة في السعودية وحجم نهضتها وتطورها بدا لي مندهشاً، لكنني عدت إلى حقيقة أن كثيراً من الأمريكيين يعيشون في عزلة عما يجري خارج حدود مقاطعات سكنهم ناهيك عن ولاياتهم وبلدهم، وهذه مسألة يتندر بها كثير من أصدقائي الأمريكيين، لكن عموماً ارتبطت الصورة الذهنية بالنفط والثروة والجمال !
اليوم لا يجهل العالم أين وصلت المملكة، خاصة مع الانفتاح السياحي الذي أتاح الفرصة لدخول شعوب العالم وزيارة المملكة والتعرف على مزاياها السياحية وتنوعها الثقافي والحضاري والتراثي والجغرافي والإنساني الثري، وساهمت مشاريع الرؤية غير التقليدية في لفت انتباه العالم بشعوبه إلى أن السعودية لم تعد بلاد نفط بل تجاوزت ذلك لتكون مركز تقاطع لمصالح القارات مؤثراً سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ووجهة سياحية غنية تفاجئ العالم بما تملكه من خصائص متنوعة !
باختصار.. السعودية اليوم في مقدمة الدول الأكثر أمناً وسهولة في العيش والأعلى نمواً وازدهاراً، ويكفي أن السعودي لا يرغب في العيش في غير بلاده، يعتز بهويته ويفتخر بوطنه !