أمطر مجلس الشورى في جلسة المجلس العادية الثانية والثلاثين، الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومركز الإقامة المميّزة برئاسة رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبد الله آل الشيخ، بوابل من التساؤلات والملاحظات، بناءً على ما ورد في التقارير المقدمة للمجلس.
الزهراني لمركز الإقامة: تدفق الكفاءات الأجنبية يؤثر على السعوديين
أوضحت عضو المجلس الدكتورة إيمان سعد الزهراني، في مداخلتها أن مركز الإقامة المميزة أطلق عدداً من المنتجات المختلفة؛ منها: (الكفاءات الاستثنائية، والمواهب، ومستثمرو ورواد الأعمال، إضافة إلى مُلاك العقارات)، وعدت المنتجات مستهدِفة المستثمرين الذين لهم الرغبة في الاستثمار في الأنشطة الاقتصادية، ورواد الأعمال الراغبين في تطوير القطاعات المختلفة في السعودية، ومُلاك العقارات الذين لهم أصول عقارية بقيمة لا تقل عن أربعة ملايين ريال سعودي. وقالت: كما هو معروف بأن إقامة المستثمر مرتبطة بصاحب العمل، وتكون المنشأة الاستثمارية هي الكفيل. ولا يستطيع إصدار رخصة عمل أو تسجيل عقار سكني باسمه، أما الإقامة المميزة فلها من اسمها نصيب، فحامل هذا النوع من الإقامة لا يرتبط بكفيل ولا منشأة استثمارية، ويستطيع استخراج سجل تجاري، واستقدام العمالة الأجنبية، ومزاولة الأنشطة التجارية، والعمل في منشآت القطاع الخاص، وامتلاك العقارات والانتفاع بها.
وعبّرت عن خشيتها من تدفق الكفاءات الأجنبية، ما يؤدي إلى زيادة المنافسة في سوق العمل السعودية، ويؤثر على فرص العمل المتاحة للمواطنين السعوديين ومزاحمتهم على الوظائف. وأكدت أن منتج إقامة (مالك عقار) يستقطب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، انسجاماً مع رؤية المملكة 2030، ويرفع مستوى جودة المنتجات السكنية، لكنه يسهم في ارتفاع أسعار العقارات، ويعسّر على بعض المواطنين السعوديين شراء أو استئجار مسكنهم.
واقترحت على اللجنة، أن تتبنى توصية بأن «على مركز الإقامة المميزة عمل مراجعة دورية للمعايير التفصيلية الخاصة لكل منتج من منتجات الإقامة المميزة، ووضع مؤشرات أداء سنوية لقياس الآثار الناتجة لمنتجات الإقامة المميزة، لضمان عدم تأثر مزايا المواطن، ولتكون داعمة لقرارات التوطين».
وتساءلت: ما دامت إقامة مستثمر الأعمال إقامة دائمة بشكل مباشِر، ومشروطة باستحداث وظائف خلال أول عامين، لماذا لا يكون هذا الشرط مربوطاً بطوال مدة تَمَتُّعِهِ بهذه الإقامة وليس فقط لعامين؟
واتفقت مع اللجنة في مطالبة مركز الإقامة المميزة بالتسويق لمنتجاتها، بالشراكة مع الجهات المختلفة، كون دور المركز يتمثل في استقطاب الراغبين في الإقامة المميزة، ولا يكون ذلك إلا عن طريق التسويق لمنتجاتها. وقالت: بما أن نسبة حاملي الإقامة المميزة 8% فقط من خارج المملكة، في حين أن 92% من داخل المملكة، فأرى أنه من الضروري ألّا يقتصر التسويق لمنتجات الإقامة المميزة على اللغة العربية والإنجليزية فقط، وإنما يكون بلغات مختلفة لاستقطاب الكفاءات العالمية واحتضان أفضل العقول.
النجار لـ«منشآت»: منصة موحّدة تجمع كل المنصات الحكومية
أكد عضو المجلس الدكتور عبدالله عمر النجار، في مداخلته على التقرير السنوي للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، أن توصية اللجنة بتطوير قاعدة بيانات إحصائية لدعم المنشآت ورواد الأعمال متحققة من خلال خدمة (أطلس الأعمال) التي تم إطلاقها تحت مظلة منشآت في يناير 2021م، وتم إطلاق النسخة المحدثة منها في الربع الثالث من 2023م، وأضاف النجار: «إذا كان لدى الزملاء في اللجنة الموقرة بعض المقترحات التطويرية لخدمة (أطلس الأعمال) بما يحقق تطلعات مستقبلية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فمن المناسب تزويد الجهة بها لتضمينها في هذه الخدمة دون الحاجة لبناء قاعدة بيانات أو منصة إلكترونية جديدة».
وطالب الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، بالعمل على تطوير منصة تواصل موحدة تجمع جميع المنصات الحكومية المرتبطة بقطاع الأعمال، لتخفيف الحمل التشغيلي على المنشآت ورواد الأعمال، وتسهيل إنهاء الإجراءات الحكومية بيسر وسهولة، وتفادي مخاطر عدم الامتثال وإيقاف الخدمات.
وعدّ النجار «عدم توافر بيانات الدخل والإيرادات من الجهات ذات العلاقة مرتكزاً رئيساً في عمل الهيئة»، فكما هو معلوم فإن البيانات والمعلومات المتعلقة بأعمال أي جهة تعتبر من الأمور الضرورية التي تزيد من قيمة الأعمال وفاعليتها. وطالب بدعم الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمصادر البيانات اللازمة من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك بما يمكنها من القيام بمهماتها في مجال تحجيم المنشآت وتوجيه الدعم والمزايا المستحقة لها بشكل دقيق ومناسب.
الحازمي: أخشى من التحايل بسبب تباين الرواتب
لاحظ عضو المجلس الدكتور حسن حجاب الحازمي، أن محتوى التوصية الثانية في تقرير هيئة المنشآت، جاء بعيداً عن المسوغات التي ذكرتها، فمن يقرأ المسوغات يدرك أن الهيئة «ليس لديها مكتب مختص بالرؤية السعودية أو إدارة خاصة بذلك»، وبالرجوع للهيكل التنظيمي يتبين أنه لا يحتوي على جهة معنية بالرؤية. وطالب بأن تكون التوصية «على الهيئة إنشاء جهة مختصة بتحقيق الرؤية السعودية ٢٠٣٠ ووضعها في الهيكل التنظيمي». وقال: «التوصية جاءت على غير ذلك، وبدت بعيدة عن مسوغاتها وغير واضحة الهدف ولا إمكانية التحقيق».
وعدّ الحازمي عدم توفر بيانات دقيقة لدخل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تحدياً، وكان جديراً بتوصية تدعم هيئة المنشآت وتساعدها على تخطي واحد من تحدياتها التي تواجهها.
وتحفّظ الحازمي على عدد العاملين في المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ كون إجمالي السعوديين مليوناً و287 ألفاً، بينما إجمالي عدد غير السعوديين خمسة ملايين و600 ألف، ما يعني أن ٩٠% تقريباً من العاملين في المنشآت غير سعوديين، وهو رقم عالٍ ونسبة عالية، وتساءل: كيف يكون لدينا خمسة ملايين و600 ألف أجنبي يعملون في مؤسساتنا وشركاتنا ولا نجد لأبنائنا العاطلين عن العمل فرصة بينهم؟ وما مدى التحقق الفعلي للسعودة؟ وهل السعودة حقيقية أم أنها شكلية؟ يسجلونهم على الورق ويدفعون لهم رواتب بناء على العقد لكنهم يستعيدون جزءاً منه؛ بمعنى لو كان راتب الموظف السعودي أربعة آلاف ريال تحول له فعلاً، ولكنها تستعيد منه ثلاثة آلاف أو 2500 ريال بطريقة أخرى، وهو راضٍ بهذه المقايضة لأنه مجرد اسم في قائمة الموظفين ولا يقوم بأي عمل.. فكيف يمكن التغلب على مثل هذا التحايل؟
وأبدى الحازمي تشككه في فقرة الرواتب، كون معدل رواتب الموظفين السعوديين 2800 ريال، وعندما سألتها اللجنة عن الرقم؟ أجابت بأن معدل الرواتب 5700 ريال، فكيف تتناقض في موضعين من التقرير بأنه 2800 وتقدمه كإنجاز ثم تتراجع عن ذلك؟ ويرى أن هذا يقودنا إلى الشك في حجم السعودة فعلياً على قلته مقارنة بالرقم الذي قدم للعاملين الأجانب. وقال الحازمي: «بما أن عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة مليون و308 آلاف؛ منها مليون و108 آلاف متناهية الصغر؛ أي التي فيها واحد إلى خمسة موظفين، وإيراداتها أقل من أربعة ملايين، بينما الصغيرة 150 ألفاً تقريباً، والمتوسطة 18,723، فإن نسبة 98% مؤسسات متناهية الصغر وصغيرة، وهي الأكثر عرضة للتعثر والتوقف والخروج من السوق.
وعدّ تحديات ارتفاع الرسوم الحكومية على المنشآت، وتعدد الجهات الرقابية والتفتيشية، وارتفاع تكاليف الامتثال للمتطلبات التنظيمية مثل التأمين الإلزامي للموظف وجميع التابعين له، والشهادات الصحية، وتعدد المنصات الحكومية التي يتطلب التسجيل والمتابعة فيها بشكل مستمر «صعبة وكبيرة» على المؤسسات المتناهية الصغر بالذات التي تشكل 98% من المنشآت، «وأعتقد أنها السبب الأقوى ليأسها وتعثرها وخروجها من السوق».
وتساءل: ما دامت الهيئة تعرف هذه التحديات المتكررة عند الجميع، فلماذا لا تبحث عن حلول جادة وفعلية لها؟
الشعلان لمركز الإقامة: إجابتكم بـ«لا يوجد»
وتساءلت عضو المجلس الدكتورة لطيفة الشعلان، في مداخلتها على تقرير لجنة التجارة والاستثمار بشأن التقرير السنوي لمركز الإقامة المميزة: هل انعكست هذه الرؤية والأهداف الطموحة للمركز في نوعية حاملي الإقامة المميزة، كون من أهداف المركز أن تغدو المملكة مركزاً عالمياً يحتضن أفضل العقول والاستثمارات، ولاستقطاب المميزين والمواهب العالمية لتحقيق قيمة مستدامة لاقتصاد المملكة؟!
وأجابت: من وجهة نظري لا. فإلى نهاية 2023م، كان العدد الإجمالي لحاملي الإقامة المميزة هو 1190، جُلهم من دول عربية خارجة من حروب وأزمات داخلية أو اقتصادات منهارة.
وجددت التساؤل: أبهؤلاء سيحقق المركز رؤيته وأهدافه؟!
ولاحظت الشعلان أن الإحصاءات الواردة في تقرير المركز لم توضح أحد المؤشرات المهمة؛ وهو: المؤهلات العلمية لهؤلاء الحاصلين على الإقامة المميزة.
ولفتت انتباهها الفئات العمرية للحاصلين على الإقامة المميزة، إذ يتضح من الإحصاءات الواردة في تقرير المركز أن 23% فقط منهم في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، بينما النسبة الأكبر وتحديدا 77% هم في منتصف العمر؛ أي في الأربعينيات والخمسينيات إلى الستينات وأكثر.
وتساءلت: هل العوامل الجاذبة للإقامة المميزة لم تكن كافية أو مستهدفة أكثر لفئة الشباب؟!
وأضافت: وردت في ملحق رقم 1، وتحديداً صفحة 7، إجابات المركز على استفسارات اللجنة، ومنها استفسار للجنة عن التحديات التي يواجهها المركز وما تأثيرها؟ وكان رد المركز على الاستفسار عجيباً جداً وبكلمة واحدة هي: «لا يوجد».
وبدا لها أن هذا الرد غير منطقي، ويتضح أيضاً أن اللجنة رأته كذلك، وإلا لما أتت بثلاث توصيات مدعمة بالمسوغات.
وأردفت بسؤال: هل هناك أي جهة في العالم حكومية أو خاصة، أو أي مؤسسة أياً كان نوعها أو موقعها على الخريطة، أو أي تجمع بشري عامل، ولا تكون التحديات حاضرة حولها وأمامها؟
وأوضحت أنه لا إنجاز ولا عمل من دون تحديات مستمرة يتم خوض غمارها ومعالجتها لتنبثق غيرها، وهنا تكمن قيمة العمل والإنجاز.
وتوقفت عند رد المركز بعدم وجود تحديات، لأن الاعتقاد بعدم وجود تحديات إن كان اعتقاداً مؤسسياً صادقاً لدى أي جهة فهو بحد ذاته مشكلة كامنة ستنعكس سلباً على مفاصل الأداء.
وأضافت: «في مطلع العام الحالي 2024م، أطلق المركز خمسة منتجات جديدة للإقامة المميزة، وتمنيت على اللجنة لو استفسرت من المركز في ما يخص إمكانية إطلاق منتج آخر يخص أبناء المواطنة السعودية من أب غير سعودي، وأقصد هنا المواطنة التي كان زواجها من غير سعودي بموافقة الجهة المختصة. فهذا المنتج المقترح سيكون استثماراً استراتيجياً، خصوصاً أن كثيراً من أبناء المواطنات يتمتعون بالتأهيل العلمي والخبرات العالية، وهذه الفئة درست في مدارسنا ودرجت على ثقافتنا وتدين للبلد بالمحبة والولاء. وقد يكون تخصيص أحد منتجات الإقامة المميزة لأبناء المواطنات حلاً مرحلياً لما تواجهه. إن توجه رؤية 2030 نحو تمكين النساء والشباب يدعم هذا المنتج المقترح». أيضاً هذا المنتج سيسهم في توثيق أواصر الأسرة السعودية تحقيقاً لمقتضى المادتين التاسعة والعاشرة من النظام الأساسي للحكم.
وذكّرت بقرار مجلس الوزراء رقم 406، المعدّل بالقرار رقم 151، بشأن الترتيبات الخاصة بأبناء المواطنة، الذي كثيراً ما يُحتج به في هذا السياق، قد كفل لهم حق الإقامة على كفالة والدتهم والمعاملة معاملة السعودي في التعليم والعلاج خلال حياتها، ما دامت الأم على قد الحياة، إلا أن الحقوق تسقط بمجرد وفاتها، ويعامل ابنها البالغ معاملة الوافد. وقالت: كان لي مع بعض الزملاء سابقاً أكثر من محاولة سواء من خلال التوصيات، أو استناداً إلى المادة 23، لمراجعة اللائحة التنفيذية لنظام الجنسية، أو لإضافة مادة لنظام الإقامة بما يُمكّن أبناء المواطنات من الإقامة الدائمة، ولم يحالفنا الحظ في محاولاتنا تلك، وبما أن هذه قد تكون الفرصة الأخيرة لي والدورة الشورية في أواخرها لطرق الموضوع مجدداً أمام مجلسكم الموقر، فإنني آمل من اللجنة في تقريرها الحالي أو القادم مناقشة المقترح مع المركز.