يتابع العالم الأحداث الأليمة الحاصلة في غزة نتاج المذابح الإسرائيلية المتواصلة بحق سكان غزة، وبقدر الاهتمام المستحق الذي تناله الأخبار العسكرية والسياسية، إلا أن هناك جانباً آخر لا يقل أهمية لا ينال المتابعة اللازمة وهو التكلفة الاقتصادية على إسرائيل جرّاء حالة الحرب التي تعيشها.
فحسب مانويل تراجتنبيرغ بروفيسور الدراسات الاقتصادية في جامعة تل أبيب، «أن أكبر مصدر للقلق أن إسرائيل تخوض حرباً مفتوحة بلا هدف محدد قابل للإنجاز وبغموض كبير عن الوقت الذي سيستغرق لتحقيقه وإنهاء الحرب»،
لأنه يعتقد أنه كلما طال أمد الحرب زادت التكلفة على الشركات الإسرائيلية التي تم استدعاء أعداد هائلة من موظفيها للانخراط في الجيش كقوى احتياط، بالإضافة إلى مخاطر المقاطعة الممنهجة في أسواق الغرب التي تزداد مع طول أمد الحرب.
وهناك أيضاً هاجس آخر تعاني منه الشركات الإسرائيلية هذه الأيام هو النظرة السلبية لأجيال الشباب في إسرائيل الذين، وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، يرون أن المستقبل الاقتصادي في إسرائيل مظلم وغير مطمئن، وأن الهجرة إلى الغرب هي أفضل الحلول.
بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، فسنة 2024 ستظهر عجزاً هائلاً في الميزانية المالية تبلغ نسبته ما يتجاوز 6% من الناتج القومي. وهناك مؤشرات سلبية أخرى في غاية الأهمية مثل الانخفاض المهول في عدد السياح القادمين لإسرائيل والشلل الهائل في قطاع المقاولات الذي كان يعتمد على العمالة اليومية الفلسطينية، وذلك بعد منع السلطات الإسرائيلية دخولهم من الضفة الغربية.
مع عدم إغفال الهبوط الكبير في أحجام التداول في بورصة تل أبيب وجفاف الاستثمارات الجديدة، والهبوط الحاد في قيمة العملة الرسمية الشيكل مقابل الدولار الأمريكي. كل هذا جعل من موديز دار التقييم الأمريكية المعروفة، تتخذ قراراً بتخفيض المكانة التأمينية لإسرائيل في شهر فبراير الفائت. وهو ما تسبب في صدمة عنيفة جداً في الأوساط الاقتصادية في إسرائيل.
واستمرت هذه التداعيات السلبية تضرب في اقتصاد إسرائيل وصولاً إلى الارتفاع الأكبر منذ 13 عاماً لعوائد السندات الحكومية والذي يعكس إصرار ورغبات المستثمرين في الحصول على عوائد أكبر مقابل مخاطرهم المتعاظمة في اقتصاد إسرائيل.
خسائر إسرائيل على الجبهة الاقتصادية تتعاظم بسبب الصرف الهائل على قواتها العسكرية وهو ما سيصيب الاقتصاد فيها بأضرار هائلة ستتطلب الكثير من الوقت والمال لتعويض ذلك.