يشهد الاقتصاد السعودي بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبمتابعة حثيثة ومباشرة من الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء نقلات نوعية مستمرة عملت على نقل اقتصاد المملكة نحو الإنتاجية من خلال التنويع الاقتصادي كخطوة أساسية وهامة لخلق بيئة تنافسية جاذبة ومزدهرة، حيث ارتكزت رؤية 2030 على تنمية الصناعات الواعدة من خلال التركيز على القطاعات غير النفطية، وتهيئة بيئة اقتصادية متنوعة ومرنة ومنفتحة تجذب الاستثمارات الأجنبية، وتبني اقتصاداً قائماً على المعرفة، وتحسّن من جودة المؤسسات وحياة المواطنين.
وفي ظل ما يواجهه العالم في الوقت الراهن من ضغوطات اقتصادية كان من الأهمية على المملكة العمل على توثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول الجوار وخاصة الدول الأفريقية، وذلك لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي وتشجيع الاستثمارات المشتركة من خلال تنويع التجارة البينية، وتعزيز العلاقات الاستثمارية بين المؤسسات الاقتصادية في المملكة والدول الأفريقية، فالمقومات الاقتصادية المتنوعة لدى المملكة ودول القارة الأفريقية والفرص التي تقدمها رؤية المملكة 2030 والأجندة الأفريقية 2063 جديرة بالاهتمام وأخذها بالحسبان في هذا الوقت المهم.
وقد كان للرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وتوثيقاً للعلاقات بين المملكة ودول القارة الأفريقية نظراً لأهميتها الجيوسياسية، فقد استضافت المملكة في العاشر من نوفمبر الجاري 2023 القمة السعودية الأفريقية (وهي الأولى تاريخياً)، التي أعلن من خلالها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- عن إطلاق «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في أفريقيا»، وذلك عبر تدشين مشاريع وبرامج إنمائية في دول القارة الأفريقية بقيمة تتجاوز مليار دولار على مدار عشر سنوات. والعمل على ضخ استثمارات سعودية جديدة في مختلف القطاعات الأفريقية بما يزيد على (25) مليار دولار، وتمويل وتأمين (10) مليارات دولار من الصادرات بين البلدين، وتقديم (5) مليارات دولار كتمويل تنموي إضافي لدول أفريقيا حتى عام 2030، مع توقيع أكثر من (50) اتفاقية ومذكرة تفاهم في العديد من المجالات الاقتصادية كالطاقة والطاقة المتجددة والتعدين والسياحة والنقل والخدمات اللوجستية والاستثمار والمالية والاتصالات وتقنية المعلومات والزراعة والمياه وغيرها من القطاعات الحيوية والهامة لكلا الطرفين، مما يساعد على تعزيز العلاقات الاقتصادية واللوجستية بين الجانبين، ومد جذور التواصل والتعاون بين المملكة والدول الأفريقية.
ونظراً لاهتمام المملكة بالقارة الأفريقية فقد بلغ إجمالي استثمارات المملكة خلال الأعوام العشرة الأخيرة قرابة الـ50 مليار ريال، وذلك من خلال العديد من الشركات السعودية العاملة في مجالات مختلفة من الطاقة المتجددة وخدمات الأعمال والخدمات المالية والمنتجات الاستهلاكية...الخ. وانطلاقاً من دور المملكة الفاعل في تحقيق الاستدامة التنموية للدول الأفريقية، فقد شكّل دعم الصندوق السعودي للتنمية لقارة أفريقيا حوالي 57% من إجمالي نشاطه الإنمائي حول العالم من خلال دعم 46 دولة أفريقية نامية وتمويل 413 مشروعاً وبرنامجاً تنموياً عبر القروض التنموية الميسرة التي بلغت أكثر من 40 مليار ريال. ولدور المملكة المحوري في دفع عجلة التنمية والاقتصاد في الدول الأفريقية، وحرصاً من الأمير محمد بن سلمان على دعم اقتصاد دول القارة الأفريقية، أطلق صندوق الاستثمارات العامة في المملكة عدداً من المشاريع والأنشطة الاستثمارية في الدول الأفريقية في قطاعات (الطاقة، والتعدين، والاتصالات، والأغذية، وغيرها) بإجمالي 15 مليار ريال، مؤكداً حرصه على أهمية الاستمرار في البحث عن فرص جديدة للاستثمار في القارة الأفريقية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتعكس استضافة المملكة لهذه القمة حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله - على تطوير شراكات المملكة الدولية، بما يخدم أهدافها السياسية والاقتصادية والتنموية، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 المتكاملة والمترابطة عناصرها بين الاقتصاد والمال ومفهوم الوسطية الدينية والحفاظ على البيئة والعلاقات الدولية واحترام المواثيق ومبادئ القانون الدولي، والتأسيس لشراكات استراتيجية شاملة تتطلع إلى المستقبل القائم على الاحترام المتبادل بين الدول، والعمل بما فيه المصلحة لجميع الأطراف، وتعزيز العلاقات مع دول القارة الأفريقية ونقلها إلى آفاق أرحب من خلال التأسيس لشراكة مثمرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية.