تناول الرأي العام مؤخرًا موضوع التقاعد المبكر، ونادى عدد من أعضاء مجلس الشورى بضرورة دراسة أسباب ارتفاع التقاعد المبكر ووضع الحلول لتشجيع الأفراد على البقاء في العمل.
والتقاعد المبكر حتمًا له أسبابه وظروفه الشخصية للأفراد على المستوى المهني والأسري وغيره، وحتمًا أراه ليس بالشر المطلق ولا هو بالخير المطلق، فكما له أثره السلبي أيضًا وحتى نحصل على نتائج دقيقة للدراسة لا بد من إسنادها لمراكز جامعية بحثية متخصصة تدرس جميع المؤثرات والآثار وأسباب التقاعد المبكر خاصة في القطاعات التي تتطلب وجود خبرات وكفاءات مهنية.
وأرى بأن الجانب الإيجابي للتقاعد المبكر يتيح فرصًا شاغرة ومجالات وظيفية للشباب الشغوف ونموًا في عملية التوظيف من جهة، ومن جهة أخرى خروج الخبرات وهجرتها مبكرًا له تأثير على منظمات العمل ويظهر هذا التأثير بشكل ملحوظ على المهن وبيئات العمل في نقص المهارات والمعرفة وفقدان الموظفين ذوي الخبرة مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الإنتاجية في بعض القطاعات وأيضًا تقع هذه القطاعات والمؤسسات في تحديات التدريب، حيث ستحتاج الشركات إلى استثمار المزيد في تدريب الموظفين الجدد لتعويض الفجوة الناتجة عن التقاعد، إضافة إلى التأثيرات التي ستظهر على ثقافة العمل والتغير في الديناميات الأساسية للعمل والتي يحتاجها الجيل الجديد من خلال عمليات التوجيه والدعم من المديرين.
التقاعد المبكر له تأثيرات عميقة على المهن والنمو الاقتصادي من خلال تقليل عدد العاملين النشطين في السوق، ويتطلب الأمر العمل على التخطيط المؤسسي وإستراتيجيات التوظيف، فهي ما تحتاجه بيئات العمل في مرحلة الهجرة المبكرة من خلال تطوير إستراتيجيات فعالة للتوظيف والتدريب لمواجهة آثار التقاعد المبكر؛ لأن تحقيق التوازن بين الأجيال «الموظفين» ذوي الخبرة والعاملين الجدد ضرورة لضمان الاستمرارية والابتكار.