صعدت في ترند مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وثّق أصحابها عودتهم إلى العمل بعد أن تمتعوا بإجازاتهم، حيث ظهر محتوى هذه المقاطع في صورة التذمر و«التحلطم» وتصوير العمل بأبشع صورة وكأنه عبئ مفروض لا رحلة طبيعية لحياة البشرية ومصدر رزق كتبه الله لصاحبه.
بينما الجانب الآخر من «الترند» هناك عدد من الشباب يتمنون لحظة الحصول على فرصة عمل، ويدعون الله بأن يكتب لهم شرف العمل وخدمة الوطن والبشرية وأن يحظوا بوظيفة ليحققوا طموحاتهم ويشعروا بكينونتهم.
شاهدت صورتين متناقضتين في «الترند»، صورة الهروب من المسؤولية وفقدان الشغف، والصورة الأخرى تطلب المسؤولية، وتتمنى الحصول على فرصة شرف خدمة هذا الوطن العظيم؛ لذا أرى أن يرتفع سقف المراقبة وتكثيف المتابعة على المحتوى لهذه الحسابات، ويتم فرض عقوبات على الذين يصورون مشاعر التضجر والتهكم خلال بثوثهم في مقرات أعمالهم وتحديدًا ما ينتشر الآن من تصوير مقرات حكومية رسمية، وأن يقع عليهم عقاب حرمانهم من الوظيفة، ومنحها لمواطن وموظف آخر يعيش على محطات انتظار فرصة الحصول على وظيفة.
كل وظيفة تحصل عليها هي رزق من الله، وبالشكر تدوم النعم، وهي أيضًا فرصة عظيمة لتقدم أبدع وأنفس ما عندك لخدمة دينك ووطنك والإنسانية أجمع. هذا وإن للعمل قيمة هامة في حياة الإنسان تتجلى بعدة جوانب منها؛ تحقيق الذات من خلال الإنجازات المهنية التي يشعر الإنسان معها بالنجاح والكفاءة. هذا لاسيما أن العمل يدرب الإنسان على تحمل المسؤولية، مما يعزز انضباطه مع حركة هذا الكون الفسيح، كما يزوده بالتفاعل الاجتماعي حالما يتصل مع زملائه ويكوِّن شبكة من العلاقات الاجتماعية الفاعلة بما يُعزز روح التعاون والمشاركة، وفي المقابل يوفر العمل للإنسان مساحة لتطوير المهارات وتطبيق الأفكار الجديدة وتعزيز الإبداع والمساعدة على التكيف مع التغيرات.
والأهم من ذلك كله العمل يمنح الإنسان الهوية والانتماء؛ كونه يُعبّر عن هوية الفرد في كثير من الثقافات، ويخلق شعورًا بالانتماء للمجتمع والوطن.
فعلينا جميعًا أن نمارس فن الشكر، ونكون ممتنين دومًا لله عز وجل على ما أسدى إلينا من نعم ومنح في هذه الدنيا، ونجعل الشكر جزءًا مهمًا نتقنه عبادةً وطاعة لله عزوجل، وإذا ما واجهتنا بعض الضغوطات والتحديات في العمل، فلنتذكر ما نملكه من طاقات إبداعية ودعم دائمٍ من قيادتنا الرشيدة يجعلنا نتجاوز كل ذلك.
ختامًا.. وظيفتك ليست محتوى تصعد بها ترند منصات التواصل الاجتماعي تسلية وفراغًا، بل هي مسؤولية وطنية وأمانة إنسانية.