يقول تجار الشعارات، إن حرب غزة تفرز الطيبين من الخبيثين، والصحيح أنها تفرز بين العقلاء والسفهاء، فما زال هناك من يركب أمواج الشعارات العاطفية التي لم تحقق عدالة ولم تحقن دماً ولم تحرر شبراً !
الكفاح الذي يقوم به العقلاء للتصدي لتجار الشعارات والقضايا لحماية الوعي العربي، لا يقل أهمية عن كفاح القضية الفلسطينية وتحقيق العدالة لشعبها، فطيلة سنوات الصراع العربي الإسرائيلي لم تقلّ معاناة العرب والفلسطينيين من المتاجرين بقضاياهم وعواطفهم ومقدراتهم وأمنهم وسلامهم واستقلالهم عن المعاناة التي سببها العدو الإسرائيلي، وفي كل جولة يخسرها العرب يكون تجار الشعارات والقضايا أحد أسباب الخسارة، يتعدد المتاجرون في هوياتهم وأيدلوجياتهم وجنسياتهم عبر الزمن، وتبقى الضحية لا تتغير: فلسطين وشعب فلسطين !
أجيال توارثت المعاناة وما زال المتاجرون بعواطف هذه الأجيال يروجون نفس البضاعة ويمارسون نفس الغش، وإذا كان رواد دكاكين الشعارات فيهم السذج والمغفلون والحمقى فإن المتاجرين فيهم الغشاشون والخبثاء من مرتزقة السياسة وانتهازيو المواقف وباعة بضاعة الكذب والخداع والتدليس !
لم يسلم جيل فلسطيني من تجرع آلام المتاجرين بقضاياهم، والمضحين بدمائهم في سبيل مصالح أنظمة وأحزاب جعلت من فلسطين قناعاً يخفي الوجوه القبيحة للنوايا الخبيثة !
مات من العرب في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن على أيدي أجهزة هذه الأنظمة وميليشياتها بكل هوياتها المتعاقبة عبر عقود من الزمن أكثر ممن قتلتهم إسرائيل طيلة وجودها، فهم العدو إلى جوار إسرائيل !
باختصار.. كل من يطل علينا اليوم ليلقي علينا شعاراته الزائفة سنحثي في وجهه التراب، فقد انكشفت النوايا وتعرّت الوجوه وسقطت الأقنعة !