أدانت محكمة في نيويورك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بالتهم الموجهة ضده في قضية دفع أموال لممثلة إباحية؛ من أجل شراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها في العام 2016، مما يطرح أسئلة حقيقية حول ترشح ترمب إلى الانتخابات القادمة، وحول ما إذا كانت هذه الاتهامات سوف تحول بينه وبين الوصول إلى كرسي البيت الأبيض مرة أخرى. لكن معظم الآراء القانونية تشير إلى أن الرئيس الأمريكي يستطيع أن يخوض الانتخابات ويستطيع أن يستلم مهام منصبه حتى لو أدين بالسجن، بل إن البعض يذهب أكثر من ذلك للقول بأن هذه الإدانة سوف تدفع إلى التعاطف مع الرئيس الأمريكي السابق وربما تزيد من حظوظه بالفوز في الانتخابات القادمة.
الانطباعات القائمة في الدول الغربية هي أن ترمب هو الأوفر حظاً في الانتخابات القادمة باعتبار أن حتى الصعوبات التي يواجهها ليس بالضرورة تقف ضد وصوله للمنصب، بل قد تدفعه قدماً. بل إن الرئيس قد حصل على أموال طائلة من التبرعات التي جمعها بعد قرار المحكمة. وهذه الصعوبات لا تقارن بالصعوبات التي يواجهها خصمه الديمقراطي جو بايدن، لأن هذا الأخير يواجه مشكلة في إقناع الرأي العام الأمريكي في غالبيته بأنه يمتلك الأهلية الجسدية والذهنية للقيام بمهمات الرئيس الأمريكي، خصوصاً أن الانطباع السائد هو أن الرجل أصبح طاعناً في السن ويواجه مشكلات ذهنية في التركيز والتذكر. وهذه ليست انطباعات عامة فقط، ولكنه تقرير أصدره المحقق الخاص روبرت هار وهو تقرير رسمي.
غير أن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها الرئيس بايدن، ولكن هنالك ما هو أسوأ؛ حيث تشير الإحصاءات إلى أن نصف الديمقراطيين يؤيدون استبدال بايدن بشخصية أخرى تستطيع أن تواجه الرئيس السابق ترمب. وإذا أضفنا إلى ذلك التيار اليساري التقدمي في الحزب الديمقراطي والذي يعارض سياسات بايدن، خصوصاً فيما يتعلق بالحرب في قطاع غزة والتأييد الكامل للجانب الإسرائيلي، فإن كل ذلك يجعل حظوظ الرئيس الديمقراطي تتراجع وبقوة.
وإذا كانت الاحتمالات مفتوحة كما تبدو في الولايات المتحدة الأمريكية وكل الخيارات ممكنة، لكن الأمر مختلف على الأقل خارج الولايات المتحدة، حيث الجميع يتحضّر لعودة الرئيس السابق ترمب، وخصوصاً على الضفة الأخرى من الأطلسي حيث هناك إدراك للتغيرات العميقة التي سوف تصيب السياسة الأمريكية تجاه القارة العجوز حال وصول ترمب إلى سدة الحكم. وبالتالي بدأت الدول الأوروبية ترتب أوراقها بما يتناسب مع تبني الولايات المتحدة لسياسات ترمب، خصوصاً في إطار الحرب الأوكرانية والعلاقة المتميزة ما بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودونالد ترمب، مما قد يفتح الباب على مصراعيه لتغير في السياسة الغربية تجاه موسكو وربما حتى الوصول إلى وقف الدعم الأمريكي لكييف، مما سوف يضع أعباء ثقيلة على الجانب الأوروبي.
لذلك اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن تكون رسالته واضحة إلى الجانب الروسي بأن بلاده يمكن أن ترسل جنوداً إلى أوكرانيا للقتال إلى جانبها، وهذا تحسباً لأي تغيير في السياسة الأمريكية التي تقود عملياً الصراع ضد موسكو.
ترمب ترك أثره عميقاً في التاريخ السياسي للولايات المتحدة الأمريكية، وأياً كانت نتيجة الانتخابات القادمة فهي سوف تكون بالتأكيد غير تقليدية وربما تغير بلاد العم سام بشكل عميق وغير متوقع.