لم يفاجئني إعلان خالد مشعل انتصار حماس الإستراتيجي في المعركة الدائرة في غزة، فهو يعيش في عالم الوهم وتجارته بيع الوهم وشراء العقول في دكاكين الشعارات، التي ما زالت تجتذب جمهوراً متعطشاً لمن يبيعه الشعارات والأوهام !
أكثر من 40 ألف فلسطيني ماتوا في حرب غزة، وأكثر من 80 ألفاً أصيبوا تحت أنقاضها، وأكثر من 90% من سكانها شردوا من مساكنهم وأحيائهم التي سويت بالأرض، وتحرر الإسرائيلي من كل القيود الدولية ليرتكب جرائمه ومجازره دون حسيب أو رقيب أو ردع من المجتمع الدولي، وما زال الأخ يعتبر أن حماس انتصرت !
إنه نفس الوهم الذي باعه حسن نصرالله لجمهوره، عندما أعلن انتصاره في عام 2006 على أنقاض بيروت ودمار الجنوب ليعود ويقول «لو كنا نعلم»، فالخسائر الباهظة تجاوزت مغامرة اختطاف جنديين إسرائيليين ليكون الثمن الباهظ حصاد أرواح ودمار بنيان !
كنا نتوقع أن يخرج مشعل ليقدم اعتذاراً للشعب الفلسطيني على تحميلهم قيمة فاتورة 7 أكتوبر، فنشوة الساعات التي بدت فيها إسرائيل مهزومة ومهانة سرعان ما تحولت إلى أكثر من سنة كاملة من القتل والتدمير في غزة والضفة الغربية لأبرياء لم يكن لهم حول ولا قوة ولا رأي في مغامرة 7 أكتوبر !
لقد منحوا العدو الإسرائيلي كل مبررات العدوان والقتل والتدمير، بينما استمروا في التمسك بشعارات المقاومة الواهنة ونثر اتهامات التخوين للآخرين، حتى وهؤلاء الآخرون يعملون على وقف النزيف وإنقاذ الأرواح وتقديم المساعدات للمنكوبين وإنقاذهم من تهور حماس ومحور مقاومتها الذي تخلى عنهم !
لم تكن مغامرات حزب الله وحماس وكل فصائل محور المقاومة طيلة عقود من الزمن سوى حماقات غير محسوبة العواقب دفع الأبرياء في كل مرة ثمنها، بينما استمر المتاجرون بقضيتهم في العبث بمصيرهم والتسلق على أجسادهم النازفة وأرواحهم الصاعدة !
باختصار.. يحتفل خالد مشعل بانتصاره في عالم السراب والأوهام، بينما يدفع الأبرياء في واقعهم الدامي ثمن إقامته في عالم سرابه وأوهامه !