ارتفعت أكفّ حجاج بيت الله الحرام ملبّين متضرّعين داعين الله عز وجل أن يمنّ عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار، بعد أن توافدوا مع إشراقة صباح أمس (السبت)، على صعيد عرفات الطاهر مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفّهم العناية الإلهية.
ومنذ وقت مبكر توافد الحجاج إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات للاستماع إلى خطبة عرفة، وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً.
وواكبت قوافل ضيوف الرحمن متابعة أمنية مباشرة يقوم بها أفراد مختلف القطاعات الأمنية التي أحاطت بالمشاعر المقدسة ووسط حركة تصعيد ناجحة للحجيج عبر طرق المركبات ودروب المشاة؛ حسب خطط التصعيد والتفويج، إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم، واتّسمت الحركة المرورية بالانسيابية خلال تصعيد الحجيج.
وشهد المشعر جاهزية تامة لمختلف القطاعات الحكومية العاملة في الخدمة والتي وفرت في مختلف أنحاء المشعر الخدمات الطبية والإسعافية والتموينية وما يحتاج إليه الحجاج الذين قطعوا المسافات وتحمّلوا المشقة من أنحاء المعمورة؛ ليؤدوا الركن الخامس. ومع غروب الشمس بدأت جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة وصلوا فيها المغرب والعشاء، والمبيت فيها حتى فجر اليوم (الأحد).
وكان إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور ماهر المعيقلي قد دعا خلال خطبة عرفة الحجاج وجموع المسلمين إلى تقوى الله عز وجل وصولاً إلى العاقبة الحميدة والفوز في الدنيا والآخرة، كما حث حجاج بيت الله الحرام على اغتنام الفضل العظيم خلال وقوفهم بمشعر عرفات.
وتقدم المصلين نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، ومفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز عبدالله بن محمد آل الشيخ، ووزير الشؤون الإسلامية والدعوة الإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، ورئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس.
وتابع المعيقلي أن الشريعة المباركة جاءت لتحصيل المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد أو تقليلها، وقررت أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما جاءت بتحصيل أعلى المصالح ولو بتفويـت أدناهـا وبارتكاب أدنى المفسدتين لدرء أعلاهما، فعند التزاحم يتم اختيار أعلى المصلحتين واختيار أخف المفسدتين. وحث كل مسلم على عدم تمكين العابثين من التأثير في مقاصد الشرع بالمحافظة على الضروريات. وأضاف أن الشارع الحكيم أكد وجوب المحافظة على الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع على العناية بها، وهي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض، واعتبر الشارع أن التعدي عليها جريمة تكون سبباً للعقوبة، ومن هنا كان الحفاظ على هذه الضروريات من أسباب دخول الجنان والرقي والحضارة في الدنيا وبفقدها تختل الحياة ويكون الإخلال بها سبيلاً للعقوبة في الآخرة، ومن هنا كان قول النبي في الحج إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا.
وأوضح خطيب عرفة أن المولى تبارك وتعالى حرّم قتل النفس إلا بالحق، وقرر ضرورة حفظ المال، وحفظ العقل، وجاءت نصوص الكتاب والسنة بالنهي عن الخوض في أعراض الناس.
وشدد على أنه على كل مسلم عدم تمكين العابثين من محاولة التأثير في مقاصد الشرع في المحافظة على هذه الضروريات وعلينا جميعاً كل بحسب مسؤوليته وعمله مسؤولية تجاه ذلك وعلينا تربية النفوس على احترام هذه الضروريات الخمس، فالمحافظة عليها واجبة في كل مكان وزمان، خصوصاً في هذا المقام الشريف وهو مقام الحج.
ودعا الحجاج إلى الدعاء لإخواننا في فلسطين الذين مسهم الضر وتألموا من أذى عدوهم سفكاً للدماء وإفساداً في البلاد ومنعاً لورود ما يحتاجون إليه من طعام ودواء وغذاء وكساء.
وأضاف أن من أولى من يدعى لهم من قدموا الجميل وأقدموا على فعل الإحسان ومن ذلك الذين يقومون بخدمة الحرمين الشريفين وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين وولي العهد.
من جانبها، كشفت وزارة الصحة تسجيل 81 حالة إصابة بإجهاد حراري وضربة شمس بين الحجاج.
الصحة: 4 مستشفيات و716 سريراً في عرفة
شددت وزارة الصحة على جاهزية كل المنشآت الصحية في مشعر عرفات، وأكدت جاهزية 4 مستشفيات بمشعر عرفات بعدد أسرّة يبلغ 716 سريراً، هي: مستشفى شرق عرفة، أحد المستشفيات الرئيسية في المنطقة، ومستشفى جبل الرحمة، ومستشفى نمرة، ومستشفى عرفات الميداني، مبينة أن هذه المستشفيات مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية والكوادر الطبية المدربة للتعامل مع الحالات الطارئة وتقديم الرعاية اللازمة، إضافة إلى تجهيز 52 مركزاً صحياً، بواقع 46 مركزاً في عرفة، و6 مراكز صحية بخط المشاة، تعمل جميعها على تقديم الخدمات الطبية الأساسية والطارئة للحجاج، ومجهزة بالأجهزة الطبية اللازمة والكوادر الطبية المدربة.