حياتنا الثقافية تترع، بمعنى الامتلاء الحميد.
سنوات قليلة سابقة، كنا في حالات الشح، أو الجفاف الثقافي لافتقار الساحة الثقافية لتعددية أنواعها، وفنونها، وإذا خرج أحدنا مطالباً بإحلال كل أنواع الفنون وجد اللوم من قبل بعض فئات المجتمع، وأذكر أن مقالات عدة - كتبتها في هذه الزاوية- بعنوان: نريد سينما، ومفردة سينما إحدى الكبائر الاجتماعية، فلا يمر يوم بعد نشر تلك المقالة حتى أجد التقريع من البعض، ويكون تقريعاً مقذعاً ممن تربطني به علاقة حميمة إذا كان توجهه ميالاً إلى تحريم فن السينما.
وانبثاق السينما ظهر بمغامرات شبابية مكلفة، وجهد لا يجد مكاناً لبثه في صالات عرض، إلا أن أدوات التواصل الحديثة عجّلت بظهور السينما إلى حيّز الوجود، وكان لتلك الأفلام القصيرة أو بمعنى أصح لأصحابها حظ وفير بالمشاركة في المهرجانات الخليجية.. واليوم ونحن نتذكر شح الماضي، علينا أن نتذكر قوة القرار السيادي الذي فتح الباب لكل الفنون الإنسانية في أن تكون حاضرة، غدونا مجتمعاً استعاد أجواءه الصحيّة مثله مثل بقية المجتمعات في العالم.. هذا القول الطويل هو احتفاء بظهور الأوبرا السعودية، وهذا الحلم لم يكن لأحلامنا أن تطوله في زمن ذلك الشح، فبعد أن توالت الفنون في الظهور والممارسة (السينما، الأزياء، والرقص، وفنون الطهو، والفنون الأدائية المختلفة، وتعدد أنواع الرياضة للسيدات، والرجال معاً، ورالي السيارات، ووووووو)، الآن نحتفل بحضور الأوبرا كفن أوروبي شاع في العالم أجمع.
ونحن نحتفل بالأوبرا السعودية، ننطلق من كون جذرها التعريفي بأنها رواية غنائية، أو مسرحية غنائية، والأوبرا فن ظهر في إيطاليا
(بفلورنسا عام 1598)، معبّراً عن قيمة العمل كجهد بتضافر فنون عدة من: سيناريو، وغناء، وتمثيل، وأزياء، وتصميم، الأوبرا ولدت من رحم المسرح، ففي البدء كانت الفكرة تقديم مسرحية يتخللها غناء، فإذا بهذه المسرحية تنتج فن الأوبرا.
سوف أردد هذا المثل الشعبي (جينا نطل غلبنا الكل) وأنا فاتح شدقي كشاب مراهق، فمرحباً بالحياة الصحية الطبيعية.