•• ذات مساء قبيل نومي؛ مرت على ذهني مقولة عابرة قرأتها قديماً تقول: «الوقت هو أقل شيء لدينا».. ذكرتني بمن تمر عليه حياته بلا مذاق فيضطر لجلسات الأصدقاء.. يتربعون في مجالس نميمية وصراخات وابتسامات صاخبة ومختلسة.. وخارج تلك التجمعات مع ذويهم وأبنائهم يظهرون بوجوه عبِسة، ران عليها التجهم والانقباض.. هؤلاء انبهارهم بالحياة مثل انبهار أبله يهدر وقته فيصبح ضعيفاً مثل طفل.
•• البعض يتعب من عد أيام عُمره فيمر عليه الزمن بلا مذاق، فلا تريحه الحياة ولا تجمعات الأصدقاء.. هذا الكائن المريخي الغريب عازم على تحطيم وقته وكأن العث قرضه.. في بيته يفرِّخ الكآبة على أهله متعمداً تغذية نارهم بمزيد من الحطب.. وفي جلسات الأصدقاء يتمايل رأسه فوق كتفه موزعاً على قلوبهم ابتساماته المجانية.. أولئك هم المحرومون من ضوء الشمس وضياء القمر.
•• هناك تنهيدات مفتوحة على شكل صوت نداء استغاثة تخرج من داخل بيوت أولئك المفرطين.. وإن لم يستفيقوا من تفريطهم بحقوق أسرهم سوف تتعرض بيوتهم للرضوض من جراء رشة خيال ساروا إليها.. قلوب من في داخل البيوت مثقلة بالحنين والشوق الجارف لرب الأسرة.. تنتظر استفاقة أبوية بنور مفروش على صفحة بيت.. فقناديل البيت المكتنزة بالضياء تبث رذاذاً من نور بوجود راعي البيت.
•• أهل البيت المكلوم لن ينسوا رمال ألم ابتلعتهم بتفريط أبٍ.. لن ينسوا شعورهم بالألم يتفاقم فينامون في حضن الليل.. لن ينسوا كيف كانوا يحاولون الاعتياد على قوانين الغياب وقواعده ولكنهم أخفقوا عن التعود على الألم.. وحين عجز قاتل الألم على القضاء عليه بكوا فانصهر جبل جليد الدموع خلف رموشهم.. فجبروت الألم كسرهم وحولهم إلى هزيمة تحولت مع الوقت إلى ضعف.