تحتشد قوات الأمن بالمئات وأحياناً بالآلاف في الدول التي تقام فيها مناسبات عالمية مهمة، رياضية أو فنية أو غيرها، ويحدث ذلك في المؤتمرات السياسية التي تحضرها وفود الدول، رغم أن هذه المناسبات تحدث في قاعات مغلقة أو أماكن مسيّجة محدودة المساحة، وذلك من أجل منع التطفل والفوضى والمفاجآت الضارة، بالإضافة إلى حماية الضيوف من أي أخطار، فكيف عندما يكون الضيوف بالملايين لأداء شعيرة دينية يجب أن يحفها الأمن والاطمئنان والسكينة والصفاء والروحانية، وكيف عندما يكون ضيوف الرحمن في دولة مسؤولة عن ضمان سلامتهم وأمنهم وراحتهم منذ لحظة وصولهم إلى مغادرتهم.
قد يعبّر الناس في كثير من الدول عن آرائهم تجاه قضية معينة، سياسية كانت أو غيرها، في بعض المناسبات التي تستقطب الإعلام، ولكن إذا تجاوز التعبير ما هو مسموح به بحسب قوانين الدولة المضيفة، أو هدد أمنها أو أضر بالحياة العامة، فإننا نرى التدخل الفوري لمنع ذلك، وبشكل عنيف أحياناً. رأينا ذلك في أمريكا وفرنسا وكثير غيرها من الدول التي تسمح بالتظاهر، ولكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة للحج، فهو شعيرة دينية خالصة لا مكان فيها لأي معنى أو رمز أو إيحاء له علاقة بقضايا العالم السياسية أياً كانت، وغير مسموح بتاتاً بتسييسه، ومسؤولة عنه دولة تمنع ذلك منعاً قاطعاً، وتؤكد ذلك لكل دول العالم التي يفد منها الحجاج.
لكن المشكلة أن الأمة الإسلامية اُبتليت بالمعتوهين والمزايدين، والبلهاء والساذجين، الذين يوجههم الخبثاء والماكرون الذين عجزوا عن حل قضاياهم الداخلية فأرادوا تصديرها باستغلال العاطفة الدينية وهم يكذبون كذباً بواحاً، ولأن الحج مناسبة يجتمع فيها المسلمون من كل بقاع الأرض فإنهم لم يتورعوا عن محاولات تلويثها بالسياسة لأغراض وضيعة ضد المملكة التي تتشرف بخدمة ضيوف الرحمن، ورغم أنهم قد تأكدوا من حزم المملكة لمنع تلك المحاولات في مرات سابقة إلا أنهم ما زالوا يلمّحون بنواياهم قبل كل موسم حج، ولكن مقابل ذلك ما زالت المملكة تؤكد أن أمنها عموماً، وأمن الحجاج خصوصاً خط أحمر، وخط واضح ومحدد غير مسموح بتجاوزه.