وصفت السفير المفوض فوق العادة لجمهورية العراق، لدى المملكة العربية السعودية، صفية طالب السهيل، لقاءها بولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، في قصر السلام بجدة خلال المراسم الرسمية لتقديم أوراق اعتمادها كسفير مفوض فوق العادة للعراق، بالمناسبة المهمة في مسيرتها الدبلوماسية، مشيرة إلى أن اللقاء يعبّر عن العمق والمكانة التي تحظى بها العلاقات بين البلدين الشقيقين، وهذه المناسبة لم تكن مجرد تقليد دبلوماسي، بل فرصة للتشرف بلقاء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي يعد رمزاً للقيادة والنهضة الحديثة التي تشهدها المملكة برؤية واعدة.
وأكدت السهيل، في حوارها مع «عكاظ»، أن العلاقات العراقية - السعودية تحظى باهتمام كبير من القيادة العراقية، مستندة إلى أسس راسخة من التفاهم المشترك والاحترام المتبادل، والتقدم الملموس في العلاقات بين العراق والمملكة العربية السعودية، يشهد عهداً جديداً من التعاون الثنائي من خلال الالتزام المشترك نحو استكشاف آفاق جديدة للتعاون التي تعود بالنفع على البلدين والشعبين الشقيقين.
كما أن التعاون الثنائي والعلاقات العراقية - السعودية، أخذت منحى أوسع في السنوات الأخيرة من خلال الزيارات الرسمية المتبادلة وبحث فرص التعاون المشترك، بالإضافة إلى رغبة القيادتين في تحقيق شراكات إستراتيجية مستدامة. ولعل مشاركة المملكة العربية السعودية في معرض بغداد الدولي كضيف شرف لهذا العام أكبر مثال للتطور الكبير في العلاقات الثنائية الرسمية والشعبية، وحمل شعار المملكة في معرض بغداد الدولي «جيرة وديرة»، في طياته رسالة أخوية عميقة من المملكة وشعبها الكريم لأشقائهم بالعراق، فضلاً عن عكسه للجذور والامتداد التاريخي للعلاقات بين الشعبين الشقيقين.
ركيزة أساسية
وقالت السفير المفوض فوق العادة لجمهورية العراق: «يُشكل المجلس التنسيقي العراقي - السعودي، الذي يحظى بمتابعة مباشرة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ورئيس الوزراء العراقي، ركيزة أساسية للتعاون المشترك ومنصة فعّالة لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات وبحث الفرص الجديدة، والخطوات العملية التي اتخذت عبره أكبر دليل على الجهود المتواصلة للقيادتين نحو تحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز التعاون الأمني، وتوسيع نطاق التبادل الاقتصادي والثقافي والإنساني».
وأضافت: «الاجتماعات واللقاءات والزيارات المتبادلة ما بين دبلوماسية البلدين ممثلة بنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الدكتور فؤاد حسين، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، واجتماعات اللجان المنبثقة عن المجلس التنسيقي المشترك، ومنها اللجنة السياسية والأمنية ولجنة الطاقة، تعكس حجم الإرادة السياسية لقيادة البلدين لإسناد ودعم عمل المجلس وما يخرج عنه من توصيات من شأنها أن تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين، ونحن متفائلون جداً بمستقبل العلاقات التي تحمل في طياتها فرصاً وآفاقاً جديدة تخدم علاقات البلدين والشعبين الشقيقين وتُسهم في رسم ملامح شراكة إستراتيجية مستدامة تُدر المنفعة على المصالح المشتركة».
نقطة تواصل
ووصفت السهيل، منفذ جديدة عرعر الحدودي بنقطة تواصل حيوية بين العراق والمملكة العربية السعودية، كما أنه يعكس الإرادة المشتركة لكلا البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية وتسهيل حركة مواطني الدولتين الشقيقتين في نقل البضائع والتجارة، وشهد المنفذ تحسينات ملموسة ومقدرة في استقبال الزائرين، من خلال تسهيل إجراءات الدخول والخروج وتوفير خدمات متنوعة وكريمة من السلطات الرسمية وأهالي المنطقة الشمالية الكرام، الذين قدموا أروع الأمثلة في الأخوة والكرم باستقبال إخوانهم العراقيين، مشيرة إلى أن زيارتها لمنطقة الحدود الشمالية أخيراً ولقاءها أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد بن سلطان، كانت تجربة غنية بالمعاني والدلالات، تعكس الاهتمام العميق والحقيقي الذي توليه المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد بالعلاقات الثنائية بين العراق والسعودية.
وأضافت، خلال لقائي مع أمير المنطقة الشمالية بحثنا مجالات عديدة تهم البلدين وتم التطرق إلى إمكانيات التعاون الواسعة، وكان من الشرف لنا أن نبدأ خطوات تجسير العلاقات من خلال التعاون الأكاديمي بين جامعة المنطقة الشمالية والجامعات العراقية، إلى جانب التعاون مع الكليات التقنية وننتظر بتفاؤل مخرجات مشاركة وفد عراقي اقتصادي في المنتدى الاقتصادي للمنطقة الشمالية، الذي نسقنا فيه للمشاركة العراقية للقطاع الخاص ومجلس الأعمال بعد زيارتنا للمنطقة، مهتمون جداً بفتح آفاق التعاون بين القطاع الخاص في كلا البلدين ونعير اهتماماً كبيراً لبناء الجسور ما بين رجال الأعمال والمستثمرين العراقيين والسعوديين.
تطور ملحوظ
وأكدت السهيل لـ«عكاظ»، أن العلاقات بين العراق والسعودية تشهد تطوراً ملحوظاً في مجالات عدة، بما في ذلك الطاقة، التجارة، الثقافة، الرياضة، الصحة، والتعليم، ولعل أبرز مظاهر التعاون بين البلدين هو التوقيع على العديد من الاتفاقيات والمشاريع الاستثمارية الكبرى في مجالات الطاقة، التعليم، المصارف، والربط الكهربائي، بالإضافة إلى الصحة والتعليم، وأدت هذه الجهود المشتركة إلى زيادة قيمة التجارة بين البلدين إلى 1.5 مليار دولار في 2022، محققة نمواً بنسبة 50% مقارنة بالعام الذي سبقه، وفقاً للإحصاءات الرسمية.
وأضافت، الاتفاقات الاستثمارية الواعدة بين وزارة الاستثمار السعودية وهيئة الاستثمار العراقية، إلى جانب الصندوق السعودي للاستثمار والصندوق الوطني للاستثمار العراقي، تمثل ركيزة أساسية في هذا التعاون المتجدد. هذه الشراكات تعكس الرغبة المشتركة في بناء جسور التعاون وتعزيز فرص الاستقرار والتقدم لبلدين من كبار منتجي النفط في العالم. ويتميز التعاون بين العراق والسعودية بكونه إستراتيجياً وشاملاً، ما يوفر أرضية خصبة للنمو الاقتصادي وتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
منفذ الجميمة
وقالت: «سيتم البحث والتداول في ملف التعاون بافتتاح منفذ الجميمة في الجلسة القادمة للمجلس التنسيقي العراقي السعودي، لأخذ القرار المشترك وفق ما تحدده القيادتان الكريمتان والجهات المختصة ذات العلاقة، وقد عبّر العراق عن رغبته لفتح منفذ الجميمة الحدودي الثاني بين العراق والسعودية المحاذي لمحافظة المثنى العراقية (السماوة)».
وأضافت السهيل: «الحكومة العراقية والمحافظة الكريمة أخذتا خطوات للاستعداد لإعادة افتتاح المنفذ، كونها خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين». ويأتي هذا في سياق الجهود المشتركة للانفتاح على الاستثمار وتطوير الاقتصاد في المنطقة، وفرصة حقيقية في تعزيز التعاون الثنائي الاقتصادي من خلال زيادة حجم التبادل التجاري، فالمنفذ دون شك سيسهل النقل البري بين البلدين.
وأشارت إلى أن المعلومات تؤكد زيادة في أعداد المعتمرين والزائرين عبر منفذ عرعر الحدودي، مع تسجيل أكثر من 94 ألف زائر منذ بداية فبراير حتى التاسع منه، بحسب المصادر الرسمية. وهذه الأرقام تعبر عن الإقبال الكبير وتقدير الزوار للخدمات الممتازة والاستقبال الطيب والمقدر.