في الوقت الذي تشهد الأسواق المحلية، في فترات متفاوتة، ظهور منافذ بيع تعرض سلعاً ومنتجات تجارية بأسعار تقل عن نظيراتها في منافذ البيع المتعارف عليها بين المستهلكين، وطرح تخفيضات وعروض على عدد كبير من السلع والمنتجات.. تثور أسئلة عدة عن جودة هذه السلع ومدى ملاءمتها للاستخدام والتعاطي.. فالفارق كبير وواسع ومحير بين سلع المتاجر الكبرى المعروفة وبين سلع متاجر التخفيضات. وطبقاً لمستهلكين تحدثوا لـ«عكاظ» فإن العلامات التجارية تبقى أسعارها ثابتة مع تخفيضاتها المعلنة والمنطقية، على النقيض مع أخريات تبيع وتسوّق المنتجات ذاتها بأسعار زهيدة ومغرية.. فما سبب الفوارق المذهلة؟
بين الريال والـ 5
الخبير الاقتصادي أستاذ المحاسبة بجامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، لاحظ أيضاً انتشار الكثير من محلات بيع المواد الغذائية؛ التي تسوّق منتجاتها بأسعار مغرية من الريال إلى خمسة ريالات، وانخدع كثير من المشترين بهذه السلع الرديئة والمقلدة والشبيهة بماركات وعلامات معروفة تحاكيها في اللون والشكل الخارجي، وتحاول اقتباس شعاراتها وأسمائها التجارية لتضليل المشتري. وبدأت مثل هذه المتاجر تنتشر بشكل كبير في بعض مدن ومحافظات السعودية، والخطورة أن من بين السلع الرديئة المعروضة مواد غذائية ومنتجات تنظيف وتجميل وأدوات منزلية وبلاستيكية وغيرها من مستلزمات البيوت.
ويشير باعجاجة، إلى أن هناك الكثير من العروض على الملابس الجاهزة وغيرها من السلع الاستهلاكية المعروضة بأسعار زهيدة، وهي في الواقع مقلدة وقد تكون منتهية الصلاحية، وسبق أن حذرت جمعية حماية المستهلك، من هذه السلع التي تشكل خطراً كبيراً على المستهلك والبيئة والاقتصاد بصفة عامة. وأضاف باعجاجة، أن من أسباب التهافت على الشراء رخص سعرها، فكثير من السلع المعروضة في هذه المحلات جاذبة للمستهلك وبذلك يستطيع شراء عدة منتجات بهذه الأسعار الرخيصة.
شراهة الاستهلاك والشراء
المستشار الاجتماعي محمد آل ذياب، يرى أنه في عالم المبيعات والمشتريات، يعد السعر من العوامل المهمة عندما يتعلق الأمر بالقرارات التي يتخذها المستهلك؛ وهو السبب الذي يفسر إقبال الناس والتهافت المستعر على محلات التخفيضات. من جانب آخر هناك مصطلح اسمه «التّشيؤ» أو التسليع وهو أن الإنسان تكون لديه شراهة عالية نحو الشراء لما يحتاج ولغير الحاجة، وبما أن المادة هي أهم عامل في هذه العملية ظهرت محلات التخفيضات بأسمائها الرنانة المجابهة لمفردة السعر، لتوحي للمتسوق أنها تتعاطف مع قدرته المادية، حتى تحقق لهم هذه الرغبة وإشباعها عن طريق بيع مواد رديئة أو قريبة انتهاء الصلاحية. ويحذر آل ذياب، من شراء كل ما يمس حياة الإنسان مباشرة مثل مستحضرات التجميل ومواد النظافة الشخصية أو مواد التنظيف من هذه المراكز لسوء جودتها، وقد يكون أثرها لا تحمد عقباه. أما ما يخص الأجهزة الكهربائية فخطرها أعظم خصوصاً الموصلات الكهربائية، حتى لا تتسبب بالحرائق أو التماسات الكهربائية.
إعلانات في كل مكان
الاختصاصي الاجتماعي محمد عبيد الغامدي، يؤكد أن هناك أسباباً عدة لتهافت الناس وإقبالهم على محلات التخفيضات ذات الجودة المنخفضة وهذه ظاهرة عالمية، ففي مختلف دول العالم تجد مثل هذه المتاجر إلا أنها تعتبر جديدة ومستحدثة في السوق السعودي؛ الذي اعتاد رواده سابقاً الشراء من المحلات المعروفة والتعامل مع بضائع وسلع من إنتاج شركات عالمية معروفة بجودتها ومذاقها الجيد في المنتجات الغذائية. وأضاف الغامدي: إن كثيراً من الناس أخيراً اعتادوا على هذه المحلات لعدة أسباب؛ أهمها الأسعار الزهيدة هرباً من ارتفاع الأسعار وكثرة المتطلبات ما يجعل البعض ينجرف خلف إعلانات هذه المنتجات ظناً أنها ذات جودة عالية.
وأشار الغامدي إلى أن من الأسباب أيضاً ضخ ملاك هذه المحلات إعلانات كبيرة جاذبة ومغرية في كل مكان، إذ يعرض الملّاك سلعة أو سلعتين بأسعار مخفضة وبقية البضاعة تكون ذات أقل جودة، ومثل هذه المحلات بحاجة لرقابة من الجهات المعنية، كما أن المجتمع بحاجة لحملات توعوية في كيفية معرفة المنتجات ذات الجودة الجيدة.
حذارِ من التخفيضات الخيالية
محمد العمري يقول: هناك أسواق مركزية ومحلات فواكه وخضار ومتاجر تجزئة بشكل عام تشهد إقبالاً كبيراً من المستهلكين، وسبب الإقبال الواسع والكثيف يعود لأنها تبيع سلعاً غذائية وغير غذائية لعلامات تجارية قد تكون معروفة لدى المستهلك أو غير معروفة لديه، وبأسعار تقل عن منافذ البيع التي يعرفها المستهلك، فضلاً عن أنها تطرح تخفيضات على عدد من السلع، ما يجعل الفارق السعري كبيراً. وأضاف العمري: بكل تأكيد الشخص يتساءل عن أسباب انخفاض أسعار تلك السلع ومدى جودتها.
من جانبه، يرى أحمد بوسودة، أن التخفيضات في السلع بكل أنواعها تعدت 60%، وفي هذه الحالة على المستهلك أن يكون حذراً في هذه التخفيضات، خصوصاً أن جمعية حماية المستهلك في السنوات الأخيرة قضت بشكل كبير على المنتجات غير الصالحة للاستخدام أو الاستهلاك خصوصا الأجهزة الكهربائية، أما في ما يتعلق بأسواق الفواكه والخضار فمهما كانت التخفيضات فالمستهلك لن يشتري السلعة غير الصالحة للاستخدام الآدمي.
لا تستغلوا الأسر
ويرى الخبير الاقتصادي خالد الدوسري، أن هناك الكثير من العروض على السلع المعروضة بأسعار زهيدة، وهي في الواقع مقلدة أوقد تكون منتهية الصلاحية، موضحين أن جمعية حماية المستهلك حذرت من هذه السلع المغشوشة التي تشكل خطراً كبيراً على المستهلك والبيئة والاقتصاد بصفة عامة.
مضيفا، أنه لوحظ انتشار البضائع الرخيصة نتيجة وجود وكثافة زبائن يرتادونها لانعدام الرؤية الصحيحة ولا يهمهم غير شراء السلعة الرديئة بأرخص الأثمان رغم مضارها المعلومة، وللأسف ما زالت هذه السلع والمنتجات تلقى رواجاً لدى الكثيرين في الأسواق لغياب الوعي الاستهلاكي والقناعات القاصرة؛ التي تزيد من الإقبال على السلع الرديئة التي بدأت تؤثر سلباً على المحلات الكبرى؛ لأن أسعارها في متناول أيدي الجميع، ويمكن أن نصف هذه المنتجات بـ«قمامة بعض المصانع الآسيوية». ويطالب الدوسري باعة المنتجات الرخيصة ومروجيها بعدم استغلال حاجة الأسر والامتناع عن تسويق السلع ذات الجودة السيئة.