دعونا أولاً نكون منصفين ونقول إن خدمات الشركة السعودية للكهرباء الآن ليست كماضيها، لقد تحسنت كثيراً ولكن هذا التحسن لم يكن ليتحقق لولا الاهتمام الكبير بها من الدولة؛ دعماً وإعادة هيكلة إدارية وإشرافاً ومتابعة ورقابة من هيئة تنظيم الكهرباء. لقد تغير وضع الشركة بعد معالجة كثير من مشاكلها المزمنة، وبعد أن تأكدت أنها لم تعد الخصم والحكم أمام المستهلكين. ولكن هذا الإقرار بتحسُّن خدماتها لا يعفيها من اللوم على تقصيرها، خصوصاً عندما يكون التقصير فادحاً مثلما حدث في محافظة شرورة مؤخراً، عندما انقطع التيار الكهربائي عن كل المحافظة قرابة يومين.
قد نتفهم انقطاع التيار لفترة قصيرة ولسبب طارئ أو ظرف قاهر مفاجئ عن أحد الأحياء، أو حتى أكثر من حي في أي مدينة، ولكن أن تغرق محافظة كاملة في الظلام وتصطلي بلهيب الصيف ليومين فذلك أمر جلل وفضيحة كبرى لشركة الكهرباء تعيدنا إلى أسوأ حالاتها في الماضي، ولو كان زمام الأمور بيدها كما كان الحال سابقاً، لربما مارست صمتها المعتاد آنذاك، وتجاهلت ما حدث وكأنه حدث لا يستحق الاهتمام. لكن الأمور مختلفة الآن في زمن المحاسبة والرقابة والعقاب للمقصرين، ولحسن الحظ أنه تم إنشاء هيئة تنظيم الكهرباء التي عقدت اجتماعاً مطولاً فور انقطاع الكهرباء في محافظة شرورة وأصدرت بياناً يدين الشركة بالتقصير ويطالب بالتحقيق وتحديد المقصرين وعقابهم على تقصيرهم، وكذلك تعويض المتضررين بشكل عاجل.
لقد كانت شركة الكهرباء تعامل المستهلكين وكأنها تتفضل عليهم بالتيار الكهربائي، رغم أنهم يدفعون فواتيرهم مهما كانت مبالغها، وكانت تصم أذنها عن أي شكوى من الأضرار والتقصير والإهمال، ويبدو أن بعض مسؤوليها لم يستوعبوا بعد أننا في مرحلة مختلفة وإلا لما حدث ما حدث في محافظة شرورة.
نحن بانتظار إعلان نتائج تحقيق شفاف مع الشركة يحدد نوع التقصير والإجراء الجزائي المناسب له، وكذلك الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار ما حدث لأنه غير مقبول أبداً مهما كانت تبريرات شركة الكهرباء.