في البداية، علينا التأكيد أن المملكة منذ تأسيسها على يد المؤسس -رحمه الله- وهي تُعنى بالخدمات الأساسية للمواطن من صحة وتعليم وخدمات اجتماعية، ولم تتخلَّ عن مسؤولياتها في أصعب الظروف الاقتصادية التي قد مرت بها الدولة، بل على العكس نجد أن ما يصرف على هذه الخدمات من تعليم وصحة وخدمات اجتماعية يوازي نسباً مرتفعةً من المخصصات المالية في الخطط التنموية للوطن، قضية العلاج والخدمات الصحية من الإجحاف أن نظلمها بأنها متأخرة أو ليست بتلك الكفاءة، ولكن مع الزيادة الهائلة بعدد السكان يعاني النظام الصحي العام من ضغط كبير وخاصة في المواعيد لأمراض ومشاكل صحية لا تتطلب التأجيل، وأنا أستغرب اهتمام الوزارة في الحملات التوعوية لبعض الأمراض مثل سرطان الثدي؛ التي أطلقت قبل أسابيع، وهذه جهود تشكر عليها الوزارة والجهات ذات العلاقة، ولكن في المقابل نجد أن المواعيد المجدولة لبعض النساء التي لديهن بعض حالات الاشتباه بهذا المرض يستغرق التحويل من مراكز الرعاية الصحية للمستشفيات العامة الحكومية شهوراً ممتدة قد يزيد من مضاعفات المرض ويصعب عملية علاجه وخاصة أن عامل الوقت مهم في مباشرة الأمراض السرطانية.
وزير الصحة قبل أسابيع أعلن عن مشروع التأمين الطبي الوطني، وهذا خبر ينتظره المجتمع لسنوات، وقد تعثر لمرات عديدة بسبب تغيّر الوزراء، وكل وزير كان يرى تجربة التأمين في تلك الدولة الغربية هي المناسبة لنا، ويأتي الذي بعده وتتغير الخطط والسنين تمر والمواطن دون تأمين للأسف رغم مليارات الريالات التي تخصصها الدولة للقطاع الصحي الحكومي، هل ما تم الإعلان عنه عن (التأمين الوطني) وما قاله الوزير بأنه سوف يشمل الجميع من المواطنين ولا يحتاج تجديداً ولا يحتاج إلى موافقات، وأنه سوف يغطي المواطن من قبل الولادة إلى مرحلة الشيخوخة، هذه الإشارات جميلة ومتفائلة، ولكن البعض يطرح تساؤلات محقة أن ما ذُكر لا يعطي الحق للمريض في العلاج في مستشفيات القطاع الخاص المعروفة إلا في حالات محددة ولا يمكن علاجها في مستشفيات القطاع العام أو في الحالات الطارئة فقط، ويرى البعض أن عدم إعطاء المواطن حامل بطاقة التأمين الوطني الحق بالاختيار أين يذهب للعلاج سواء في مستشفى حكومي أو خاص يخل في مفهوم أهلية التأمين التي يأملها المواطن في مثل هذا التنظيم الجديد، هل نشهد فقط تغيراً بالشكل ولا تنحل مسألة العلاج بشكل سريع وبكفاءة عالية دون الانتظار لشهور لعمل عملية جراحية حساسة لها علاقة بالحياة وبالموت، كنت أتمنى من وزير الصحة وفريق العمل معه شرحاً أكثر لإطلاق التأمين الوطني وهل هناك تجارب في دول محددة قد سبقتنا في هذه التجربة أم نحن نخترع نظاماً جديداً، ولكنني على قناعة تامة أن السياسات العامة ومنها مثل هذا المشروع المهم للمواطن يُقر ويراجَع ويناقَش في مجلس الشؤون الاقتصادية برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سوف يسد الثغرات والأخطاء التي قد تحدث وسوف تتم مراجعته قبل إقراره بشكل نهائي، وقد أكد سموه في أكثر من مناسبة وفي مقابلة تلفزيونية على مسألة التأمين الصحي، وأكد سموه أن المخرج النهائي سوف يعطي المواطن أحقية الاختيار في العلاج بين المستشفيات الخاصة والحكومية، وهذا في اعتقادي أن هذا ما تسعى إليه برامج رؤية المملكة 2030 من رعاية صحة وجودة الحياة للمواطن والمقيم في وطننا الغالي.