استفحال توحش إسرائيل في حرب (غزة) يعطي إشارات كثيرة، أهمها نيتها تهجير أهالي غزة إلى سيناء، وتهجير أهالي الضفة إلى الأردن، وهو مخطط مدروس وجد الفرصة لتنفيذه، وبالرغم من تأكيدات أمريكا أن غزة لن يتم احتلالها، وإنما ستأخذ وضعاً مغايراً لما بعد 7 أكتوبر، وحتماً سيكون الوضع الجغرافي مغايراً حين تقف إسرائيل عن تدميرها.
وإلى ما قبل هذه الحرب العشوائية، كان العالم يتوقع بروز أقطاب عدة تعمل على توازن القوى العالمية، وأن لا ينفرد قطب واحد في تسيير العالم على هواه، وما إن وقعت المواجهة بين إسرائيل وحماس استطاعت أمريكا تأكيد أننا لا نزال في زمن القطب الواحد، فهذه الحرب ردمت فكرة بزوغ أقطاب عدة لكي تتساوى كفتا الميزان.
وأعتقد أن هذه الحرب ستشعل المنطقة حريقاً سيستمر لعشرات السنوات، شرارتها ستوضع في سيناء والأردن.
والملفت في هذه الحرب أن قرارات مجلس الأمن عبارة عن حبر على ورق؛ بسبب تفرد خمس دول بحق الفيتو، منها ثلاث دول مساندة لإسرائيل، وهذا ما منح إسرائيل حق التبجح في عدم تنفيذ قرارات المجلس.
ونعلم أن ظهور المجلس قد وضع عقب الحرب العالمية الثانية صيانةً لسلامة العالم من الكوارث، إلا أن دول (الفيتو) أصبحت هي المزعزعة للسلام العالمي، وأعتقد أن مجلس الأمن بحاجة ماسة لإعادة هيكلته، وإعطاء دول أخرى حق الفيتو، وأن يتم اتخاذ أي قرار بالأغلبية.
وهذان المقترحان ربما يساعدان في تخفيف التأزمات الدولية، وإن ظل مجلس الأمن على ما هو عليه، فستظل أمريكا هي الشرطة العالمية التي لا يعنيها تطبيق العدل، وإنما يعنيها تحقيق رغبتها بالضرب بيد من حديد.
فهل نقول إن حرب 7 أكتوبر وأدت خروج أقطاب أخرى توزن الكفة المائلة؟