بعد أكثر من شهر ونصف من الحرب الضروس على غزة التي راح ضحيتها الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، تمخضت النتيجة عن هدنة مؤقتة لمدة أربعة أيام فقط، وإطلاق عدد لا يزيد على 150 أسيراً فلسطينياً مقابل 50 إسرائيلياً، مع وقف الطيران على غزة بضع ساعات لا أكثر، وإدخال المساعدات الإغاثية للقطاع. بيان الخارجية القطرية كطرف في الوساطة مع مصر وأمريكا يقول إن الهدنة قابلة للتمديد، بينما وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد أن الحرب ستعود بقوة بعد الهدنة.
هل يمكن اعتبار هذه الهدنة الهشة المؤقتة مكسباً إستراتيجياً لحماس بعد كل الدمار والموت الذي حدث. نعم، الكل يتمنى أن تتوقف آلة الموت الإسرائيلية وتلتقط غزة أنفاسها ولو لفترة قصيرة بعد الجحيم الذي عاشته، ولكن ماذا سيحدث بعد أيام الهدنة الأربعة في ظل عدم وجود ضمانات أو حتى أمل لاستمرارها، لا سيما مع بقاء عدد من الأسرى لدى حماس، وإصرار إسرائيل وأمريكا على إطلاقهم جميعاً. هل ستعود الحرب مرة أخرى ثم تتوقف مؤقتاً بصفقة جديدة لعدد محدود من الأسرى، ويستمر الحال على هذا المنوال.
مطالب القمة العربية الإسلامية واضحة ومحددة وهي وقف كامل لإطلاق النار والبدء في مسار سياسي لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم، واللجنة الوزارية المنبثقة عنها تجوب الآن عواصم الدول الكبرى لتحقيق هذا المطلب، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكد هذا الهدف مرة أخرى في الاجتماع الافتراضي مع قادة مجموعة «بركس» مساء الثلاثاء، في ذات التوقيت الذي أعلنت عنه الهدنة، فهل نحن أمام مسارين مختلفين للتعامل مع مأساة غزة تحديداً وفلسطين عموماً، مسار كلي دائم تسعى إليه القمة، ومسار جزئي مؤقت تقرره حماس بطريقتها، وربما يعرّض غزة إلى تكرار ما حدث فيها.
قبول حماس بهذه الهدنة أو الصفقة الضئيلة بعد كل ما حدث في غزة يوضّح أن ما قامت به مغامرة كبيرة غير محسوبة النتائج، غير منطقي أن تعرّض مليوني شخص لأسوأ كارثة دون ضمان تحقيق هدف إستراتيجي يساوي ثمنها. وأخيراً لا بد من التساؤل هل حماس مع مسار ومساعي ومطالب مجموعة قمة الرياض، أم ستستمر في مسار خاص بها يفسد محاولات تحقيق الحلول المستديمة ويعرض أهل غزة لمزيد من المآسي.