في اجتماع طارئ غير اعتيادي، جمعت المملكة -بثقلها السياسي والاقتصادي والديني- قادة الدول العربية والإسلامية تحت سقف واحد، عناوينه العريضة والمباشرة والخالية من البروتوكولات الدبلوماسية: لا للإبادة الجماعية والتهجير القسري الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني بغطاء غربي تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل، والتأكيد على مناصرة القضية الفلسطينية بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولا للانتقائية والازدواجية الغربية في تطبيق المعايير الدولية التي سئمت منها الشعوب وباتت واضحة وجلية في الكثير من القضايا العالمية، منها على سبيل المثال لا الحصر تأييد المقاومة الأوكرانية للاحتلال الأجنبي على حد زعمهم، ولكنهم يقصون الفلسطينيين بكل وقاحة من أي وسيلة مقاومة. المنهجية التي تتبعها الآلة الإعلامية والسياسيون الغربيون في حجب الصورة الكاملة لما يحدث لأبناء الشعب الفلسطيني وكأن الفلسطينيين هم من يستعمرون الأراضي الإسرائيلية، أصبحت أمراً مفضوحاً لكل شعوب العالم، والدليل على ذلك المظاهرات التي تجتاح عواصم العالم وفي مقدمتها العواصم الأوروبية.
أتت القمة العربية الإسلامية في ظروف استثنائية يمارس فيها الاحتلال الصهيوني الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وهي امتداد للإبادة الاقتصادية التي يمارسها منذ زمن عندما وضعهم في سجن كبير. معدلات بطالة مرتفعة تتجاوز 50% وهي الأعلى عالمياً. علاوة على ذلك خروج أكثر من 400 ألف وظيفة من سوق العمل بسبب تدمير البنية التحتية وظروف الحرب. انكماش اقتصادي في حكم المؤكد بأكثر من 13% قابل للزيادة مع استمرار هذه الحرب بسبب انخفاض التجارة، وتدفقات رأس المال، والاستثمار، والإنتاجية، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة انعدام الأمن بشكل عام. في ظل تلك الظروف سيدخل أكثر من 600 ألف شخص إضافي إلى مستنقع الفقر مع فقدان أكثر من 40% من المنازل.
تكلفة هذه الحرب اقتصادياً ستحدث أزمة في التنمية لعقود من الزمن ضحيتها أجيال قادمة. من يتتبع الاتفاقيات التاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين يكتشف أن الأزمات المالية والاقتصادية المتكررة للشعب الفلسطيني، متجذرة بعمق في البنية المالية والاقتصادية التاريخية التي هندستها إسرائيل منذ عام 1967 وعززتها عملية أوسلو وذلك بجعل السياسة الاقتصادية الإسرائيلية مسؤولة عن خلق الاقتصاد الفلسطيني. باختصار أن تقتل طفلاً برصاصة مباشرة هو نفس الفعل الشنيع عندما تقتل طفلاً بالجوع.