فور انتهاء القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض وكان من أهم نتائجها تشكيل لجنة وزارية للقيام بتحرك دولي لوقف الحرب على غزة، خرج بعض المعلقين والمحللين السياسيين في وسائل إعلام مختلفة بخطاب مضمونه التأكيد على عدم قدرة اللجنة إنجاز أي خطوة في مهمتها، بل ألمح بعضهم إلى أنها مجرد لجنة على الورق ولن تتشكل فعلياً. هذا التثبيط والتشكيك له دوافع مختلفة لدى هؤلاء، نعرف بعضها استناداً الى انتماءاتهم ومواقفهم وأجندات الجهات التي لا يخفى ارتباطهم بها، ظاهراً أو مستتراً، ولكن هذه المرة تكشَّف لنا سبب مهم، هو نجاح المملكة في حشد ذلك العدد الكبير من الدول في القمة، والقرارات الحازمة الواضحة التي صدرت عنها؛ أي أن التشكيك والتثبيط كان دافعه الأساسي تنفيذ دورهم السلبي تجاه المملكة، وانتقاص إنجازها الكبير.
قبل يومين أعلن وزير الخارجية السعودي بدء تحرك اللجنة المكونة من وزراء خارجية ثماني دول إضافة الى أمين عام جامعة الدول العربية وأمين عام منظمة التعاون الاسلامي، وكانت المحطة الأولى في الصين، الدولة الكبرى التي لا يستطيع أحد تقزيم دورها في الساحة الدولية، وبعدها سوف تواصل اللجنة تحركاتها في دول أخرى وفق رؤية محددة، ومطالب تتسق مع دور وتأثير كل دولة تزورها.
قمة الرياض لم تكن من أجل تسويق شعارات تدغدغ شوارع الهتافات، ولا من أجل المزايدات. كانت قمة تعرف الممكن وغير الممكن، وتعرف المتاح وغير المتاح، لكنها كانت جادة في تحقيق أقصى حدٍّ من الممكن والمتاح في سياق العمل الدبلوماسي الاحترافي الذي يعرف ما يملكه من أوراق تأثير وضغط من أجل إيقاف الحرب على غزة وإنقاذها من التدمير الممنهج المستمر الذي تمارسه إسرائيل.
الذين يريدون الخير للشعب الفلسطيني، المنكوب بإسرائيل، معروفون وواضحون وثابتون في مواقفهم، ومخلصون في أفعالهم من أجل فلسطين في كل الأوقات، ومن أجل غزة في محنتها الراهنة. وكذلك هم المزايدون والمتاجرون بمأساة الشعب الفلسطيني، معروفون وواضحون أيضاً.