أضحت بعض المنازل الطرفية والاستراحات، تشكل خطراً داهماً وبيئة خصبة لمخالفي الأنظمة وانتشار الأمراض، في الوقت الذي تصاعدت معها الكثير من المخاوف بفعل الممارسات التي تمارسها تلك العمالة في ظل عشوائيتها واكتظاظها بساكنيها وعدم وصول وسائل التوعية إليهم وغياب للاشتراطات الصحية والبيئة داخلها.
على مدار أعوام مضت، شكلت بعض المنازل والاستراحات موقعاً لمخالفي نظام الإقامة والعمل الذين وجدوا في أحضانها ملاذاً لهم لانخفاض إيجاراتها وإهمال بعض ملاكها متابعة مستأجريها وما يتم بداخلها، وترك الحبل على الغارب لقاطنيها الذين حول الكثير منهم تلك المواقع إلى بؤر للمخالفين والممارسات غير النظامية؛ منها تصنيع الأغذية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي، وآخرون لممارسة الغش التجاري وتقليد المنتجات، فيما جعلها البعض ملاذاً للمخالفين.
ويتعمد المخالفون دفع أحد أبناء جلدتهم من المقيمين نظامياً لاستئجار أحد هذه المواقع بطريقة نظامية، ولا يتجاوز سعر إيجارها الشهري 1200 ريال، وعقب استلامه يتم تأجيره داخلياً بالمساحات والغرف، فيقوم مسؤول التأجير باستلام مبالغ مالية متفاوتة منهم مقابل ما يعرف بالفراش، وهي بعرض متر وطول مترين، وتتفاوت قيمتها ما بين 200 إلى 400 ريال، فيما يتفاوت ايجار الغرفة بين 800 إلى 1000 ريال، وقد يصل عدد المقيمين في الغرفة الواحد ذات مساحة (4x4) إلى أكثر من 10 أشخاص، وهو خطر داهم يجب إيقافه وإيجاد طرق لمعالجته.
وتتعمد تلك العمالة المخالفة، استغلال كافة الموجودات داخل تلك العقارات من تصنيع وتقليد وطبخ، عدها مختصون قنابل موقوتة تستوجب حصرها ومتابعتها ومعالجة أوضاعها، فهي تتشابه في أيدولوجيتها واكتظاظها وعشوائيتها.
إسقاط مصنع مخالف للمعسلات في جدة
أطاحت لجنة رباعية؛ ضمت أمانة جدة وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك ووزارة التجارة وشرطة جدة،
بمصنع مخالف بحي القرينية لصناعة المعسلات ومادة الجراك داخل حوش عشوائي.
وبينت أعمال التحري، أن عمالة مخالفة استغلت الموقع لإعداد التبغ و(المعسل) بخلط نشارة الخشب والألوان وخلط المكونات بمواد مجهولة المصدر، ومنتهية الصلاحية، وتعبئتها في عبوات ماركات شهيرة، بهدف خداع مستخدميها.
ونجحت في ضبط المتورطين وتحرير كميات من الأختام الضريبية المقلدة والعبوات الجاهزة للترويج وعشرات المطبوعات المقلدة والمغشوشة، إضافة إلى إتلاف أكثر من خمسة أطنان من المعسلات والجلسرين المستخدم في غش المعسلات.
وتم التثبت من قيام المتورطين بممارسة خلط نشارة الخشب والألوان وخلط المكونات بمواد مجهولة المصدر، ومنتهية الصلاحية وتلوينها بملونات الأطعمة لخداع المستهلك وغشه.
خبير أمني يحذّر من القنابل الموقوتة
حذر الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر داخل الجعيد، مما تشكله تلك العقارات والاستراحات التي تلجأ إليها العمالة غير النظامية لتشكل خطراً داهماً، فأكثر سكان هذه المواقع من غير النظاميين الذين يجدون فيها مكاناً مناسبا بسبب رخص إيجاراتها وعدم وجود سكان مواطنين فيها.
وأضاف: تفتقر عادة تلك المواقع، للتنظيم والتخطيط؛ لذا يفضل المخالفون السكن فيها، مما يستوجب إيجاد خطط فاعلة لتطويرها.
حسين القحطاني، أكد أن ملاك العقارات يعانون الأمرين من عدم الالتزام بدفع الإيجارات ومن قيام المستأجرين بإسكان مخالفي نظام الإقامة والعمل وأمن الحدود.
وأضاف القحطاني: يعد مخالفو الإقامة والعمل، من أبرز الفئات الاجتماعية التي تمثل خطراً حقيقياً واجتماعياً، فهم بلا معلومات أمنية أو اجتماعية، وبالتالي يصعب الوصول إليهم عند الحاجة؛ ولذا امتنع عن القيام بتأجير أي عقار يخصني لهم، لكن البعض من أبناء جلدتهم من المقيمين النظاميين يقومون بتأجير العقارات ومن ثم تأجيرها لهم بالباطن.
وأكد عدم تحمل ملاك العقارات أي مسؤولية جراء ذلك فهم يقومون بالتأجير بطريقة رسمية ونظامية وعبر منصة إيجار وأي عملية تتم خارجها هي أصلاً غير صحيحة ولو كانت لمقيم نظامي.
وزاد القحطاني: يلاحظ أن البعض من المخالفين يتعمدون استئجار العقارات الطرفية، التي تقع في أطراف المدن بهدف البعد عن الأعين وبالتالي يتم عبرها ممارسة أنشطتهم المشبوهة.
بدوره يشير أحمد العمري، إلى أن عملية تأجير العقارات تحتاج إلى الحس الوطني وعدم التفكير في الربح المادي، فهناك من يهمل عقاراته والعناية بقاطنيها لتصبح عرضه لاستغلالها في أنشطة مشبوهة.
وبين العمري، أن عدم تعاون المواطنين والمقيمين مع رجال الأمن في الإبلاغ عن أي تجاوزات أو تصرفات مشبوهة داخل عقاراتهم قد تجعلهم مسؤولين أمامها عند الكشف عن مخالفات بداخلها ويستوجب مساءلتهم. وطالب العمري، بالتثبت خلال عملية التأجير ومعرفة من سيسكن تلك العقارات وأنشطتهم، وفي حال ضبط أي مخالفة إبلاغ جهات الاختصاص وعدم التستر عليهم أو توفير العمل لهم والتعاطف معهم، ومنها ما يرتبط بعوامل بيئية، كتوفير السكن العشوائي غير الخاضع للرقابة الأمنية.
ولم يغفل عبدالرحمن العتيبي، عن تأكيد أن بعض مساكن العمالة تعد مكاناً لممارسة الأنشطة المخالفة، وموقعاً للتخفي من الجهات الرقابية، كما يتم تحويلها إلى مصدر من مصادر الدخل، عبر منشآت غير نظامية ومخالفة يتم بداخلها صنع المنتجات المغشوشة وغير القانونية التي تدعم مخالفي نظام الإقامة والعمل وأمن الحدود، واستمرارهم تواجدهم وتنامي نشاطهم.
وأوضح العتيبي، أن البيانات الصادرة عن الأجهزة المختصة تشير إلى الكشف عن بعض العقارات؛ التي تحولت إلى أوكار لتصنيع المسكرات وأخرى كمطاعم ومعامل لصنع الغذاء يتمّ إعدادها في بيئة غير صحية، إلى جانب استغلالها لإسكان المتسللين والهاربين من كفلائهم والمخالفين للنظام.
وسط الرمال.. 20 مخالفاً يحشون السجائر بنشارة الخشب
ضبطت لجنة سداسية ضمت جهات حكومية مشتركة من محافظات جدة وعسفان والجموم، أحد أكبر المواقع لتصنيع منتجات التبغ السجائر بأسماء مستوردة وعالمية، باستخدام نشارة الخشب ومواد مجهولة المصدر بداخله 20 شخصاً من جنسيات يمنية وباكستانية وفلبينية، يقودهم يمني مخالف لنظام الإقامة والعمل، جاء ذلك عقب تتبع مراقبي الإدارة العامة لرصد ومعالجة الظواهر السلبية بأمانة جدة لمضبوطات جرى تحريزها داخل موقع بجدة، وبتتبع مصدرها اتضح وجود نشاط لعمالة مخالفة داخل منطقة رملية خارج المحافظة بقرب محافظة عسفان.
أعمال التحري والمتابعة انتهت بكشف الموقع، وهو عدد من الهناجر المعدنية والاستراحات حولتها العمالة إلى مصنع لإنتاج السجائر وتقليد الماركات بهدف الكسب الخاص.
وكشفت أعمال التفتيش، ضبط مكائن حديثة تستخدم في صناعة السجائر ولفها، فيما جرى تحريز كميات كبيرة من التبغ الخام، وكانت المفاجأة ضبط نشارة خشب اعترف المتورطون باستخدامها في حشوة السجائر بخلطها مع كميات قليلة من التبغ لخداع المستهلكين.
واعترف (زعيم الوكر)، أن المنتجات الموجودة مقلدة ويتم إنتاجها وبيعها بزعم كونها أصلية، وأقر أنهم يتهربون من الإقرارات الضريبية عبر وضع أختام مقلدة، وفي اعتراف صادم، أكد أن ما يهمهم هو الربح فقط بعيدا عن سلامة أي منتج، ليتم تحريز وإتلاف 86 طن تبغ ونشارة ومواد مستخدمة في التصنيع، وإتلاف 2.5 مليون عبوة دخان من ماركات متنوعة مقلدة ومصادرة 491,330 عبوة دخان جاهزة للتوزيع.
الإقامة والعمل وأمن الحدود
من جهته، طالب محمد الشهري، بربط عقود الإيجار باسم الكفلاء والشركات والمؤسسات، وربطها بالجهات الأمنية مباشرة؛ بهدف تنبه كل كفيل لمكفوليه والحرص على عدم مخالفتهم للقانون، وأيضاً التحذير من إسكان مجهولي الهوية ومخالفي نظام الحدود والإقامة والعمل، والدخول إلى المساكن وتفتيشها بشكل دوري للكشف عن أي تجاوزات بداخلها.
«الداخلية» تتوعّد المخالفين والمتسترين
توعدت وزارة الداخلية كل من يسهل دخول مخالفي نظام أمن الحدود للمملكة أو نقلهم داخلها أو يوفر لهم المأوى أو يقدم لهم أي مساعدة أو خدمة بأي شكل من الأشكال، بأنه يعرض نفسه لعقوبات تصل إلى السجن 15 سنة، وغرامة مالية تصل إلى مليون ريال، ومصادرة وسيلة النقل والسكن المستخدم للإيواء، إضافة إلى التشهير به.
وأوضحت أن هذه جريمة تعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، والمخلة بالشرف والأمانة، حاثة على الإبلاغ عن أي حالات مخالفة على الرقم (911) بمنطقتي مكة المكرمة والرياض، و(999) و(996) في بقية مناطق المملكة.
«الأمن العام»: التشغيل والنقل مخالفة
أكد الأمن العام أن كل من يقوم من الأفراد بنقل أو تشغيل أي من مخالفي نظامي الإقامة والعمل أو التستر عليهم أو إيوائهم أو تقديم أي وسيلة من وسائل المساعدة لهم، تطبق بحقه غرامة مالية تصل إلى 100,000 ريال والسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر مع الترحيل إن كان وافداً.
الجوازات: 100 ألف عقوبة الإيواء
شددت المديرية العامة للجوازات، على عدم نقل أو تشغيل أو إيواء أي مخالف لنظام الإقامة أو متأخر عن مغادرة البلاد؛ سواء أكان حاجاً أو معتمراً أو زائراً بعد انتهاء فترة تأشيرته التي قدم بموجبها إلى هذه البلاد. وبينت أن من يخالف ذلك سيكون عرضة للجزاء وستطبق بحقه العقوبات المقررة بموجب نظام الإقامة التي تشمل السجن وغرامة مالية تصل إلى 100 إلف ريال بالنسبة لمن يقوم بإيواء أو تشغيل المتأخرين عن المغادرة، كما تشمل العقوبة السجن وغرامة مالية تصل إلى 10 آلاف ريال لمن يقوم بنقل المتأخرين عن المغادرة، وتتكرر العقوبة بتعدد الأشخاص الذي قام المخالف بمساعدتهم على المخالفة، كما تتم مضاعفة العقوبة عند ضبط المخالف إذا كرر ذلك وترحيل المقيم الذي يسهل بقاء المتأخرين مع العقوبة المقررة.
خبير أمني: أدوار العُمد أكبر
الخبير الأمني اللواء متقاعد سالم المطرفي، طالب بأدوار أكبر يتطلب من عُمد الأحياء القيام بها، مشيراً إلى أن حضورهم شكل في فترات سابقة علامة فارقة داخل المجتمع، إذ كان يعلم عن كل سكان الحي المسؤول عنه صغيرهم وكبيرهم. وأضاف المطرفي: العمدة كان يسهم في كشف مكامن الخلل داخل الأحياء، والتنسيق مع الجهات الأمنية ومتابعة المواقع والتصرفات المشبوهة داخل الحي وتبليغ الجهات المختصة بها، والتحري عن مجهولي الهوية والموجودين بصفة غير نظامية، والإبلاغ عنهم، ومساعدة مندوبي الدوائر الرسمية بالدلالة على مقر إقامة المطلوبين وأي معلومات عنهم.
وشدد اللواء المطرفي، على ضرورة وضع قاعدة بيانات تبين معلومات كل شخص داخل الحي، يشرف عليها العمدة؛ لتسهيل مهمات المسؤولين عن الأمن في حالات الحوادث والجرائم والتصرفات المشبوهة.
وبين المطرفي، أن أدوار بعض عمد الأحياء بات دوراً تشريفياً وينحصر في تصديق بعض الوثائق الرسمية، وساعات العمل لديهم محدودة بساعات قليلة، مما يعزز ضرورة توفير مساعدين لهم يتواجدون على مدار الساعة ويتواجدون داخل الأحياء لتأدية أدوار أمنية وخدمية.