سلط تقرير فرنسي الضوء على ظاهرة عودة بعض الأمراض بعد أن كان الاعتقاد سائداً بأنها باتت جزءاً من الماضي، مثل: السل، والسعال الديكي، والزهري، والحصبة.
ويفسّر الخبراء ذلك بتراجع المناعة الجماعية بعد أزمة وباء «كوفيد». ويقول أحد الأطباء المتخصصين، إن ذلك يُفسّر بما سماه «عبقرية الأوبئة»، حيث تخلف الأوبئة التي تصيب البشرية دورات تستغرق سنوات أو عقوداً لعودة أمراض قديمة للانتشار.
وبحسب التقرير، الذي نشره موقع «سيونس فوتورا» العلمي المتخصص، فإنّ وقف التدابير العازلة المعتمدة خلال جائحة «كوفيد» وتخفيف إجراءات التطعيم وضعف المعلومات والوعي وتراجع المناعة الجماعية كلها عوامل يمكن أن تفسر عودة الأمراض التي نسيناها.
لكن التساؤل اليوم هو: هل هذه الأمراض اختفت بالفعل، أو أنها اتبعت دورات للظهور مجدداً؟
ويؤكد طبيب العلوم الطبية وجراح العيون ميكائيل أسكيل جيدج، أن هذه الأمراض لم تنته، لكنها تغيرت، وتباعدت بمرور الوقت، مضيفاً أنها عبقرية الأوبئة، إذ إنّ هناك دورات تستغرق بضع سنوات، وأحياناً بضعة عقود، تُنسى خلالها الأمراض وتتحور قليلاً، ثم تعاود الظهور دون سابق إنذار، وفق تعبيره.
ويشير التقرير، إلى أنّ السعال الديكي يعود مجدداً إلى فرنسا، وتم تسجيل نحو 6,000 حالة إصابة بهذه العدوى التنفسية في الأشهر الخمسة الأولى من العام، أي أكثر بخمس مرات مما كانت عليه في 2023، كما يسجل عدد حالات الحصبة ارتفاعاً لافتاً في 2023، حيث تم الإعلان عن 117 حالة (بما في ذلك 31 حالة وافدة) في فرنسا، مقارنة بـ 15 حالة في عام 2022.
وهذا المرض الفايروسي شديد العدوى غالباً ما يكون حميداً، ولكنه يمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة وتنفسية وعصبية، وأحياناً يتسبب في الموت عند الأطفال.
وعلى رغم أنه لا يزال عند مستوى منخفض، سجل مرض السل أيضاً زيادة في الحالات في فرنسا في 2023.
وشهدت معدلات الإصابة بمرض الزهري أيضاً ارتفاعاً بـ 110% بين عامي 2020 و2022، ويرى العلماء أن ذلك نتيجة لوقف الإجراءات المضادة لجائحة كوفيد أو انخفاض المناعة الجماعية، ولكن غالباً ما يكون عدم كفاية التطعيم هو السبب، مؤكدين أن سياسة التطعيم الأفضل ستكون بالفعل خطوة أولى لإبعاد مخاطر هذه الأمراض.