هذا هو اللسان، وهذا هو العقل، اللذان قد يدمران أو يصلحان، فإما أن يكونا خيراً أو شراً يجلب الفساد والمهلكة، وقد نشأت الحروب الإعلامية ضمن سياسات مختلفة ومآرب باطنها السموم وظاهرها الكذب والنفاق والافتراءات المتشدقة.
ثمة إعلاميون ومتحدثون وكتَّاب يسبق عقلهم لسانهم أو قلمه، يَزِنُونَ الأمور بعقلانية، فيختارون كلماتهم وجملهم وعباراتهم بعناية، حريصون على كل حرف ينطقون أو يكتبونه.
وهناك ما يمكن تسميتهم بـ«الهمجية» يسبق لسانهم عقولهم، يتحدثون دون إدراك، حديثهم يتسم بالحماقة والعشوائية، يهاجمون دون وعي، كلامهم غير متزن، وحديثهم غير مرتب، وكأنهم في غابة موحشة، هدفهم أن يكونوا منتصرين أو متصدرين بحق أو باطل، هؤلاء مدمرون للمجتمعات بعقلهم العقيم فجلبوا لها الأزمات والمحن والفتن.
جاء في الحديث النبوي الشريف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: «ألا أُخْبِرُكَ برأسِ الأمْرِ وَعمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنامِهِ؟»، قلت: بلى يا رسول اللّه!، قال: «رأسُ الأمْرِ الإِسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهادُ»، ثم قال: «ألا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذلكَ كُلِّهُ؟» قلت: بلى يا رسول اللّه! فأخذ بلسانه ثم قال: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا»، قلت: يا رسول اللّه! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟».. فاحذر أن يسبق لسانك عقلك.