قد تستغرب الجماهير الرياضية كيف استطاع بعض اللاعبين ممارسة كرة القدم رغم إصابتهم بمرض (الربو الشعبي) المرتبط بالتنفس مباشرة، ورغم ذلك مارسوا كرة القدم في الملاعب الرياضية العالمية، وحصدوا الميداليات الذهبية والبطولات العالمية؛ ومن أولئك اللاعبين ديفيد بيكهام، وبول سكولز، وباولا راديكليف، وغيرهم.
ويظل السؤال: كيف استطاع هؤلاء اللاعبون تقديم مباريات طوال فترة حياتهم الكروية في الملاعب الرياضية رغم معاناتهم مع (الربو)؟
ورداً على السؤال يقول استشاري طب الأسرة والحساسية الدكتور خالد عبيد باواكد:
مرضى الربو بإمكانهم ممارسة النشاط الرياضي باتخاذ الاحتياطات والإجراءات الوقائية اللازمة، ويعتمد ذلك على وضعهم الصحي مع المرض، إذ اختلف الوضع اليوم بفضل معطيات جديدة مكتسبة في هذا المجال؛ وتحديداً في الجوانب العلاجية، فالإصابة بالربو لا تعني الامتناع عن ممارسة الحياة الطبيعية بما فيها الرياضة، فطالما كان الربو تحت السيطرة وبعيداً عن مهيجات المرض، فليس هناك أي مانع من ممارسة الرياضة، وبالعكس فإنه ينصح المرضى عادة بالتمرن البدني المنتظم، بهدف السماح لهم بإدراك كيف يتنفسون ومدى قدراتهم على ذلك، من أجل السيطرة بشكل أفضل على المرض.
وتابع: أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث أن ممارسة الرياضات المناسبة بأسلوب يتوافق مع القدرات الجسدية ونوع الحساسية تنعكس بشكل إيجابي على صحة مريض الربو أو الحساسية الصدرية، بل أكدت أن مرضى الحساسية أو الربو ممن يمارسون الرياضة باستمرار يتمتعون بصحة أفضل من غيرهم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بصحة الرئتين، فهناك العديد من الإيجابيات التي تعود على مرضى الربو والرياضة مقارنة بمن لا يمارسونها، ومنها
تقليل استخدام وخفض الحاجة لأدوية الحساسية، وتقليل خطر الإصابة بالأزمات الصدرية ونوبات التحسس، وتقليل حدة وخطورة النوبات التحسسية في حال حدوثها.
وختم الدكتور باواكد حديثه بقوله: الربو من الأمراض المزمنة والمنتشرة بشكل لافت للنظر في جميع المجتمعات، وهو عبارة عن التهاب مزمن في الأغشية المبطنة للشعب الهوائية في الرئتين، مما يسبب زيادة حساسيتها لأي مهيجات مثل الغبار، والتدخين، وغيرهما، ويؤدي إلى انقباض هذه الشعب وضيقها، وحجز كميات كبيرة من الهواء داخل الصدر، لكن هذا الضيق قابل للاتساع عند استخدام العلاج المناسب، والعلاج ينقسم إلى قسمين رئيسيين هما: موسعات الشعب الهوائية التي تؤدي إلى ارتخاء العضلات المحيطة بالشعب الهوائية، وتوسع الشعب الهوائية، ومنع إفراز المواد الكيميائية (كالهستامين)، لذلك فإنها تستخدم غالباً عند اللزوم، وتعمل مباشرة بعد الاستعمال؛ لذلك تؤخذ عند ظهور الأعراض كالكحة أو الكتمة أو ضيق الصدر أو صفير الصدر.
وأردف: والقسم الثاني الأدوية المانعة (الواقية) لرجوع النوبات، وتعمل عن طريق تقليص الالتهابات المزمنة بجدار الممرات الهوائية، وبعضها تحتاج أسابيع عدة ليبدأ مفعولها؛ لذلك يجب الاستمرار عليها بشكل منتظم مرات عدة يوميّاً لفترات طويلة حسب تعليمات الطبيب المعالج بغض النظر عن وجود الأعراض من عدمها، لتتمكن هذه الأدوية من تقليص الالتهابات في القنوات الهوائية.