منذ أيام فقدنا رجلاً استثنائياً اجتهد ولعب أدواراً شتى في محاولات منه (رحمه الله) مع بعض المتضررين والأصدقاء لإيجاد حل أو وسيلة يمكن من خلالها إنهاء أزمة مئات المساهمين في شركة وهمية سبق أن أدين صاحبها وسبق أن صدر حكم بسجن وغرامة صاحبها في الحق العام، وترك الحق الخاص إلى اليوم دون حل.
لقد حاول الفقيد خالد نومان الحربي (رحمه الله) كل المحاولات وبذل كل جهده وأفنى الكثير من سنوات عمره مع بعض المتضررين من هذه القضية، كي يجد أي وسيلة أو طريق ليساعد مئات البسطاء الذين وقعوا ضحية هذه الشركة وصاحبها، والذين لا يزالون حتى الآن يكابدون ويعانون الأمرّين كي يستعيدوا أموالهم التي مضى عليها سنوات في هذه المساهمة الوهمية، فقد تنقّل خالد كثيراً بين المدينة المنورة مقر إقامته وجدة حيث القضية المسجلة، وتنقل خالد كثيراً بين أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والمالية لمدة طويلة، لقد رحل خالد وبقيت القضية حتى الآن دون حل تائهة بين العديد من الأجهزة والمؤسسات والمحامين!
السؤال: طالما أن القضية مثبتة وصدر بها حكم وإدانة ضد الشركة وسجن وغرامة ضد صاحب الشركة في الحق العام، لماذا لا يبنى على هذا الحكم لإصدار أحكام في الحقوق الخاصة؟ كيف يستقيم أن يصدر حكم وتنفيذ الحكم العام منذ سنوات، بينما الحق الخاص يبقى إلى الآن يتيماً بين عدد من الجهات ودون وضع حد لمئات المساهمين؟
هل الفصل بين الحق العام والحق الخاص في قضية واحدة إشكالية تشريعية أم إجرائية؟ وهل هذه الإشكالية فقط في هذه القضية أم هي قائمة بشكل عام بين الحق العام والحق الخاص في كل القضايا؟ وإذا كانت قائمة بشكل عام، فإلى ماذا تستند شرعياً وقانونياً؟
إن القفزات اللافتة التي حققتها المؤسسات القضائية والعدلية في المملكة خلال السنوات الأخيرة والتي تمثلت بتغييرات إدارية وتحولات رقمية عميقة أعادت رسم المشهد الزمني باختصار الكثير من الإجراءات والعمليات الإدارية وتجاوز الكثير من الروتين الإداري والبيروقراطيات واختصار الإجراءات وتسهيل عمليات التقاضي والتقاضي عن بُعد في أغلب القضايا، وتوفير الكثير من الوقت الثمين وتوظيف غير مسبوق للذكاء الاصطناعي، تجعلنا نتوجه بسؤال إلى معالي وزير العدل الذي لعب دوراً محورياً في كل هذه التغييرات الإدارية والتحولات الرقمية بتوجيه من قيادة هذه البلاد واسترشاداً برؤية المملكة ومستهدفاتها: لماذا لا يتم توفير الوقت والجهد والمال من خلال الربط بين الحق العام والحق الخاص في القضية الواحدة؟ وإذا كان هذا المطلب يتطلب مزيداً من الوقت للدراسة والتغيير والتشريع، لماذا لا يتم التعامل مع القضايا استثنائياً ومن خلال لجنة أو فريق مع القضيتين المتعلقتين بالمساهمات الوهمية نظراً لعدد المتضررين الذي يصل إلى الآلاف، بحيث يتم البت في الحق الخاص للمساهمين استناداً وفي ضوء الأحكام التي صدرت في هاتين القضيتين الشهيرتين كحق عام؟
إن المشكلة في هاتين القضيتين لم تكن فقط في الفصل بين الحق العام والحق الخاص، لكن الأزمة تكمن كذلك في الغموض الذي يلف إجراءات التقاضي في الحق الخاص مقارنة بالحق العام، والتضارب بالإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات والتباس الأمر حتى على المحامين الذين تم توكيلهم في هذه القضية، رغم أن القضية هي ذات القضية وهي منظورة في نفس النظام القضائي وضد نفس الجاني، فأين الخلل إذاً؟ وما هو الحل؟