زرت يوماً الوجيه الفاضل عبدالرحمن الشثري، شفاه الله وعافاه، وهو المعروف بنشاطه في العناية بمرضى الكلى وجمع التبرعات لإنشاء مراكز غسل الكلى في مناطق ومحافظات المملكة، عندما تلقى اتصالاً هاتفياً كان يبدو فيه المتصل يشكو من نقص في تمويل أحد مشاريع إنشاء مركز لغسل الكلى يصل إلى مليون ريال، كان يجلس بجواري رجل الأعمال المعروف ناصر الطيار، وما إن أنهى أبو هشام محادثته حتى قال له الطيار «أنا متكفل بكامل المبلغ الناقص»، أي مليون ريال، مما أدخل السرور على قلوب جميع الحضور !
سبحان الله، يفعل العطاء الخيري فعلاً عجيباً في النفوس سواء كنت الواهب أو الموهوب أو مجرد شاهد على الهبة، فالفرح والسرور يجمع هؤلاء الثلاثة، وهنيئاً لمن ناله سهم من أجر العطاء أو السعي فيه أو التحفيز عليه !
انظروا إلى مقدار السرور الفطري الذي يبديه الأطفال عندما يمنحهم والداهم شيئاً ليمدوه لفقير في الشارع أو طالب حاجة عند الباب، فالله عز وجل جعل في العطاء بلسماً للقلوب وراحة للنفوس !
لجأ لي ذات يوم مسؤول في جمعية خيرية يطلب مساعدتي في جمع تبرعات لمشروع خيري، فلجأت لبعض الأقارب والأصدقاء فجادوا بما استطاعوا، حتى اتصلت بقريب لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وسألته المساهمة بسهم من أسهم المشروع، فطلب أن يشتري جميع أسهم المشروع، وكان مبلغاً كبيراً حصلت عليه الجمعية الخيرية في لحظة واحدة !
هناك أشخاص جبلوا على الخير والعطاء، ومنهم من هو في حال متوسط من الناحية المادية، لكن الجود من الموجود يجعله في مقدمة الكرام، وليس أكرم ممن تجود نفسه من قليل يملكه، فهذا لعمري أعلى مراتب العطاء !
وكنت شاهداً على رجل أعمال شهير تبرع بمبلغ فاق العشرين مليوناً لأحد المشاريع المجتمعية، لكنه اشترط ألا يذكر اسمه أو يعلن عن تبرعه وأرسل شيكاً مصدقاً بتبرعه في اليوم التالي، بينما أعرف رجال فلاشات حضروا مناسبات وأعلنوا عن تبرعات لم يصل منها شيء !
باختصار.. القدرة على العطاء من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان، فطوبى لمن أعطى وسعد وأسعد !