بدأ الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولته في بيروت، اليوم (الأربعاء)، بلقاء المسؤولين اللبنانيين، مؤكداً أن زيارته تأتي في إطار مهمته التي بدأها قبل أشهر بالتنسيق مع الولايات المتحدة والسعودية، وقطر ومصر ولن يخرج عن ملف انتخاب رئيس للجمهورية وإنجاز توافق سياسي يعيد الانتظام إلى المؤسسات، إلى جانب تأكيده ضرورة التزام لبنان بالقرارات الأممية الدولية وعلى رأسها القرار 1701، دون أن يتطرق إلى المبادرة الفرنسية أو إلى طرحه الأخير الذي شكل امتعاضاً لدى حزب الله في شهر سبتمبر الماضي أثناء زيارته الثالثة عبر اقتراحه لـ(مرشح ثالث).
لودريان وخلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية أكد أن زيارته تهدف إلى تجديد التأكيد على موقف اللجنة الخماسية بدعوة اللبنانيين إلى توحيد الموقف والإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية وإبداء الاستعداد لمساعدتهم في هذا الإطار، موضحاً أن كل اللقاءات ستجري بهدف تأمين التوافق اللبناني حيال الاستحقاقات الراهنة، لأن الظروف القائمة في المنطقة تدعو لوضع الخلافات جانباً في سبيل إتمام هذه الاستحقاقات.
والتقى لودريان رئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وشدد على دعم باريس للبنان والمؤسسة العسكرية، وحرصها على استقرارهما، وحث المسؤولين اللبنانيين على ضرورة العمل لتجنيب البلاد الدخول بالصراع الدائر في غزة، الذي ستكون له تداعيات خطيرة عليها، وكذلك ضرورة استمرار العمل والتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل)، جنوباً، والالتزام بالقرارات الدولية، ولا سيما القرار 1701.
الرئيس ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت اليوم، لفت إلى أنه خلال لقائه مع لودريان أكد على أن الأولوية هي لوقف العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وغزة، مشدداً بالقول: «إننا في الحكومة نتابع تحمّل مسؤولياتنا ونعمل جاهدين لتوفير الخدمات لأهلنا في الجنوب رغم صعوبة الظروف ونقدّر صمودهم وتضحياتهم».
وأعرب ميقاتي عن أمله بأن تنتهي الحرب في غزة إلى سلام بعد تجربة الهدنة التي انعكست على واقع الجنوب اللبناني، قائلاً: «إن مروحة اللقاءات والاتصالات التي أجريتها تؤشر إلى أنّ الاتجاهات الدولية تسعى إلى وضع حلٍّ على أساس (قيام الدولتين) ونظام العدالة الإنسانية».
ولفت إلى أن الموفدين العرب والأصدقاء الدوليين لبلاده الذين يزورون لبنان ويجرون الاتصالات لإنهاء الحرب وإرساء قواعد السلام، معرباً عن شكره لمساعيهم الهادفة إلى الحضِّ على الإسراع بانتخابات الرئاسة ورصد ما يجري في الجنوب من اعتداءات واستفزازات إسرائيلية وسقوط ضحايا.
وعقب وزيارة لودريان ظهرت ردود أفعال كثيرة وأكد النائب أشرف ريفي ان موقف المعارضة الثابت والواضح والمتمسك والمصر على انتخاب رئيس للجمهورية، سيادي وقادر على الإنقاذ.
وقال ريفي: «نحن من نقرر كلبنانيين مصير بلدنا، فرض حزب الله علينا ولاية ست سنوات، أوصلتنا إلى الجحيم واليوم لن نتزحزح قيد أنملة، وثابتون على مواقفنا، لا ننغش ولا نضعف أمام أي محاولة استثمار»، مشيراً إلى أنه لا يعرف طرح الموفد الفرنسي بعد.
من جهته، يرى النائب غسان سكاف أنه على لودريان إقناع الفريق الممانع بمرشح ثالث حيادي، فهل سيقبل هذا الفريق أم أنه سيبقي الأمور مرتبطة بما سيحدث في غزة؟».
وقال سكاف: «بعد اشتعال الجبهة الجنوبية هناك قناعة تترسخ لدى جميع اللبنانيين بضرورة تشكيل سلطة طبيعية تدير شؤون البلاد من خلال انتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام إلى عمل المؤسسات في الدولة ويكون ركيزة أساسية تتعامل معها كل الدول الخارجية»، مضيفاً: نحن ننتظر زيارة لودريان ولكن نعرف أن الإخفاقات الفرنسية المتراكمة في إدارة الازمة الرئاسية تطرح علامات استفهام حول الجدوى من زيارة لو دريان الرابعة ونترقب ما سينتج عنها.
وأبدى النائب غسان تخوفه من فشل هذه الزيارة بسبب تصلب مواقف القوى السياسية أكثر مما كانت عليه قبل حرب غزة، لافتاً إلى أن الهدنة في غزة يمكن أن تمتد وتصبح دائمة مع أن احتمال الخروقات وارد، وعليه نحن ذاهبون إما إلى حرب أو إلى مفاوضات وتسوية قد ينتج عنها خطر تركيب شرق أوسط جديد، من دون لبنان إذا لم ننجز استحقاقنا الرئاسي.
من جهته، اعتبر عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك أن السبب الرئيسي لزيارة الموفد الرئاسي جان ايف لودريان هو ما يجري في غزة، مبيناً أن المبعوث الفرنسي سيصطدم بواقعية وسذاجة الأسباب التي أدت إلى فشل مساعيه السابقة أي «حزب الله»، علماً أنّ فرنسا تعرف جيدًا أنّه لا يمكن مكافأة حزب الله على ما يفعله في الجنوب، ولا في اعتداءاته المباشرة وغير المباشرة على السيادة اللبنانية.