لم تكن عملية ١١ سبتمبر لضرب برجي التجارة الأمريكي لتحقق انتصاراً مؤثراً ضد أمريكا بقدر ما حققت للقوى المتطرفة فرصة تجييش القاعدة الجماهيرية في المجتمعات العربية والإسلامية مع ردة الفعل الأمريكية العنيفة في أفغانستان والعراق، بينما نجحت قوى المقاومة في دفع حماس لعملية مسلحة لم تخلّف سوى الدمار والموت للفلسطينيين في غزة في مقابل استعادة زخم تجييش القاعدة الجماهيرية لقوى الظلام المتدثرة بالشعارات الثورية والجهادية على وقع الجرائم الوحشية وحرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة رداً على عملية ٧ أكتوبر !
إنها مسألة تشعرك أن قوى الظلام تضحي بأرواح الشعوب وأمن المجتمعات ومصالح بلدانهم التنموية والاقتصادية في سبيل خدمة أجندتها وتهييج المشاعر وتهيئة البيئة العاطفية لتسهيل تجنيد الأتباع !
ما الذي جناه العرب من أحداث غزو الكويت الذي هلّلت له قوى الظلام غير فتح أبواب الجحيم على المنطقة؟! ما الذي جناه المسلمون من أحداث الحادي عشر من سبتمبر غير الدمار والتشرذم وتفريخ داعش والحشد في العراق؟! ما الذي جناه اللبنانيون من حرب ٢٠٠٦ غير الدمار والتشرذم وتكريس هيمنة حزب الله للإجهاز على ما تبقى من أمل للشعب اللبناني؟! ما الذي حققته ثورات الخريف العربي غير السقوط في هاوية الفوضى والحروب الدامية في سورية وليبيا؟! ما الذي حققته حماس يوم السابع من أكتوبر غير منح العدو الصهيوني ذريعة ارتكاب جرائم القتل والتهجير لما تبقى من شعب فلسطيني في أرض فلسطينية؟!
إنهم لا يختلفون كثيراً عن الأعداء الذين يرفعون شعارات محاربتهم، بل ربما هم أكثر شراً، لأنهم يضحّون ببني جلدتهم ويجعلونهم حطباً لنار شعاراتهم وأهدافهم !