عندما يصرح إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأن على الشعوب العربية الزحف باتجاه القدس، بعد وقت قليل من زيارته لإيران ولقائه بالمرشد الأعلى، وفي الوقت الذي تحتشد فيه مجاميع تتظاهر في الأردن باسم القدس وغزة والقضية الفلسطينية، بينما هي تستهدف نشر الفوضى والإخلال بالأمن، عندما يقول هنية ذلك وفي هذا التوقيت وهذه الأحداث فإنه لا يترك فرصة لتبرئته من سوء الطوية والمقصد، والعمل وفق أجندة توجه حركته، وتستخدم مأساة الشعب الفلسطيني ذريعة لتنفيذ غاياتها كورقة تستدر تعاطف الشعوب العربية، ليس إلا.
تنظيمات الإسلام السياسي كانت لاعباً رئيسياً في فوضى عام 2011، اتضحت حقيقتها بشكل قبيح عندما كشفت الأجهزة الغربية التي نسقت معها كثيراً من المعلومات عن تآمرهم على الدول التي قادوا مشروع الخراب فيها، ويكفي ما تكشفت عنه الأمور في مصر بعد إزاحة حكم الإخوان ووضع اليد على ملفاتهم السرية، وكيف كانت حماس ذراعاً مسانداً لتنظيم الإخوان في الفوضى العارمة التي حدثت. الأردن كانت هدفاً رئيسياً في مشروع الفوضى خلال تلك الفترة، لكنها تجاوزت المحنة بصرامة إجراءاتها واصطفاف الشعب الأردني مع دولته، لكن مطابخ التآمر لا تتوقف عن المحاولات باستغلال الأحداث لتحقيق الأهداف التي لم تتحقق سابقاً من خلال العبور على جسر القضية الفلسطينية، وها هي تحاول الآن إثارة الشارع الأردني وفق تخطيط مسبق تنفذه كوادرها الظاهرة والمستترة.
شيء قبيح ما قامت وتقوم به حماس، فبعد أن تسببت في كارثة غير مسبوقة لمواطني غزة حولتهم إلى قتلى وجرحى ومفقودين ومشردين يعانون المجاعة والأمراض، وبعد أن أصبحت تفاوض للحصول على الضمانات الإسرائيلية لسلامة قادتها وليذهب ما تبقى من شعب غزة إلى الجحيم، ها هي تحاول صرف الأنظار عن كارثتها في غزة بمحاولات بائسة لإشعال بؤر الفوضى خارجها.
يُفترض أن الشعوب العربية قد تعلمت درساً مهماً من أحداث عام 2011 وما تلاها من خراب في بعض الدول، هو أن الأمن والاستقرار في إطار الدولة الوطنية يمثل مكتسباً يجب الحفاظ عليه وحمايته من أي محاولات لتهديده تحت أي شعار. وعلى حماس أن تكف عن العبث خارج الساحة التي تسببت في تحويلها إلى دمار شامل.