هي مغالطة تتهمنا ضمنياً بالانحدار الأخلاقي، وتراجع السلوك الاجتماعي، وتفكك الروابط، عندما ننظر إلى الماضي، فمن السهل غالباً أن نتذكر أفضل الأوقات وننسى أسوأها. ومن السهل أن نتغافل عن حقائق الحياة القاسية كما كانت ذات يوم. لذا نظن أن حاضرنا لا يتوازى مع الماضي الجميل.
يقول مارسيل بروست: «إن تذكر الأشياء الماضية لا يعني بالضرورة تذكر الأشياء كما كانت عليه فعلاً».
هناك ظاهرة في التاريخ تبدو ثابتة على مر العصور وهي المسؤولة عن الفكرة الزائفة (زمن الطيبين).
قدّم لنا مايكل شين «مغالطة العصر الذهبي» وهي تحيّز إدراكي يختبر تصوراتنا للماضي، ويشوه فهمنا للتاريخ ويعيق قدرتنا على اتخاذ قرارات مستنيرة في الحاضر. هذه المغالطة متجذرة في الحنين إلى الماضي، والشوق العاطفي إلى زمن أفضل وأبسط. في حين أن الحنين إلى الماضي قد يثير مشاعر دافئة وذكريات عزيزة، فإنه غالباً ما يعمينا عن الحقائق القاسية للماضي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا حسّاسة مثل العنصرية والفقر والجهل والمشاكل الثقافية.
الحنين في جوهره هو عاطفة حلوة مرة في آن. فهو ينقلنا إلى زمن كانت الحياة فيه أبسط وأسعد وأكثر انسجاماً. وغالباً ما يدور الحنين حول تجارب شخصية أو ذكريات الطفولة أو فترات معينة في التاريخ نضفي عليها طابعاً رومانسياً. وهذه العاطفة هي قوة قوية يمكنها التأثير على تصوراتنا وأحكامنا. وعندما يتم تطبيقها على سياقات تاريخية، فإنها تؤدي إلى مغالطة العصر الذهبي.
ومن بين العيوب الرئيسية الأخرى في مغالطة العصر الذهبي ميلها إلى التغاضي عن المشاكل الثقافية وعدم المساواة وتهميش دور المرأة. فالحنين إلى الماضي غالباً ما يؤكد على الإنجازات الثقافية والانتصارات الفنية في الماضي، ففي حالتنا السعودية.. ذكريات افتح يا سمسم ودبلجات كرتونية مختلفة إلى جانب حفلات معاهد الكويت الغنائية وأعمالهم الدرامية والمسرحية.
هذا حنين سطحي للماضي يضفي نوعاً من المثالية على «زمن الطيبين» ومن شأنه أن يعيق فهمنا للتقدّم الذي أحرزناه والتحديات المستمرة التي لا تزال قائمة حتى موعدنا المنتظر، رؤية ٢٠٣٠.
الصواب -في ظني- أن نتبنى منظوراً متوازناً للماضي، مع الاعتراف بفضائله وعيوبه. فقط من خلال مواجهة الحقائق غير المريحة للتاريخ يمكننا أن نأمل في بناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافاً. وبذلك، نتجاوز المغالطة ونتجه نحو مجتمع أكثر اطلاعاً ومسؤولية.