أخيراً انتبهنا إلى الأهمية القصوى لتغطية النقص الكبير في مهنة التمريض لدينا، فقد أقر مجلس شؤون الجامعات مؤخراً مبادرة تسريع برامج البكالوريوس لمهنة التمريض ابتداءً من العام الجامعي 1446هـ. وتهدف المبادرة إلى اختصار مدة الدراسة وتسريع عملية التوطين مع المحافظة على جودة المخرجات، وفق آليات تتمثل في تطبيق الدراسة بنظام الساعات، واحتساب التدريب الصيفي، والتدريب المنتهي بالتوظيف، والتعليم عن بعد، وتطبيق الفصل الصيفي، والتدريب المكثف في سنة الامتياز، ودراسة المواد العامة عن بعد في فترة الامتياز.
مهنة التمريض من أكثر المهن المطلوبة في دول العالم نظراً للاحتياج المتزايد عليها، في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على سبيل المثال يستقطبون كوادر التمريض المؤهلة من الدول الآسيوية كالفلبين والهند وغيرهما بإغراءات مالية وامتيازات أخرى للبقاء فيها، وفي المملكة كان وما زال لدينا نقص شديد في هذا الكادر، إذ إنه يقل كثيراً عن الاحتياج الفعلي، ومع توسع القطاع الصحي العام والخاص، وزيادة عدد السكان تصبح الحاجة أكثر، إلا أن كليات التمريض ما زالت قليلة، وعوامل التشجيع على الالتحاق بها والعمل في هذه المهنة غير كافية، بل إن عدداً غير قليل من خريجيها وخصوصاً من الفتيات يعزفن عن المهنة بعد الالتحاق بها بسبب ضغوط العمل وتدني المرتبات والنظرة القاصرة لبعض المنشآت الصحية لأهمية كادر التمريض.
إن أي منشأة صحية، وخصوصاً أقسامها الداخلية، يمثل التمريض عمودها الفقري. الأطباء يعاينون المرضى في مرورهم اليومي ويضعون خطة العلاج ثم ينصرفون، لكن كادر التمريض هو الذي ينفذ التعليمات ويرعى المرضى على مدار الساعة، والحقيقة أن الأطباء الجدد يتعلمون كثيراً من طاقم التمريض المؤهل الذي يملك خبرة جيدة، هذه حقيقة يعرفها كل الأطباء.
إننا بحاجة مع هذه المبادرة الجيدة إلى زيادة عدد كليات التمريض، وبرامج التدريب في التمريض التخصصي، وأيضاً إلى إعطاء كادر التمريض ما يستحقه من تقدير مادي ومعنوي.