نظام التقاعد الجديد الذي رفع السن التقاعدي للعاملين المدنيين في القطاعين العام والخاص إلى ٦٥ عاماً، له دلالات إيجابية واضحة على سوق العمل لدينا؛ الذي يعاني من إشكاليات متعددة أفرزت قضية البطالة لدى المواطنين، وحددت رؤية المملكة من ضمن أولوياتها أن تصل هذه النسبة إلى ٧٪ ونحن نقترب منها؛ حسب الإحصاءات الرسمية الصادرة مؤخراً، في السابق كانت بعض الأصوات والمختصين تطالب بالإبقاء على سن ٦٠ عاماً كسن للتقاعد الذي يصل إلى ٥٨ عاماً بالتاريخ الهجري، ومن الأسباب التي كانت تطرح أن الخروج بهذا السن سوف يخلق فرصاً وظيفية للقادمين الجدد في سوق العمل، أما في حال رفع السن فإن دخولهم وانخراطهم في العمل سوف يتأخر ويزيد من نسب البطالة، باعتقادي أن رفع سن التقاعد الأخير وبآلياته وشروطه الجديدة سوف يقلل من الاستعانة بالعاملين الأجانب، وأتذكر أن بعض القطاعات الحكومية وأغلب الشركات تتعاقد مع الموظف الأجنبي حتى سن ٦٥ وقابلة للتمديد، أما الموظفون لديها من السعوديين فتصرفهم بقوة النظام عند بلوغ سن التقاعد القديم، القلة منهم يتوسلون التمديد معهم أو العمل بوظائف هامشية في تلك القطاعات، القطاع الخاص طبعاً يرفض توظيف المتقاعدين لأسباب متعددة، ويأتي في مقدمتها أن رواتبهم مرتفعة مقارنة بالموظف الأجنبي، كم من طاقات وخبرات أهدرت لدينا بسبب سن التقاعد السابق وخاصة في بعض التخصصات النادرة، كما تقاعد أساتذة الجامعات مثلاً والأطباء والذين نشاهدهم لا يتقاعدون في بعض الدول المتقدمة.
أسباب مختلفة وعديدة تدفع الدول لتغيير سن التقاعد لفترة أطول، والغالب عليها أنها دول متقدمة تنموياً ومستويات الخدمات الصحية والاجتماعية فيها مرتفع بشكل لافت ينعكس على صحة وحيوية المواطن فيها ويعيش فترة أطول مقارنةً بالدول النامية مثلاً وليس يعيش لعمر طويل، ولكن معدل مستواه الصحي مرتفع، مما يعني قدرته على العمل بشكل فاعل.
كثير من الدول تعمل لدعم مؤسساتها التقاعدية لعقود طويلة مما يوقِع ضغوطاً اقتصادية على الدول واقتصادياتها، ويعرض هذه الصناديق للخطر مما يؤثر على المستحقات المالية للمتقاعدين، مما ينذر بمشاكل اجتماعية كبيرة في بعض البلدان، لذا استقرار هذه المؤسسات النفعية العامة مهم جداً ليس للمشتركين فيها من المتقاعدين، ولكن على الاقتصاد الوطني الكلي من خلال مساهمات هذا القطاع فيه.