شريحة كبيرة من الآباء والأمهات داخل مجتمعاتنا، يعتقدون أن دورهم التربوي ينتهي عندما يصبح الابن ناضجاً مسؤولاً عن حياته.. وذلك الذي تسبب في توجه الأبناء إلى الأصدقاء والمواقع الإلكترونية للحصول على إجابة عن استفهاماتهم، وبالتالي وضعوا الأب والأم في آخر القائمة إن لم يكونا غير موجودَين فيها من الأساس.. ولذلك قيل: الأبناء نتاج تربية الآباء.
إذا تربى الأبناء على أن الأبوين كانا لهم الأمان عند الخوف، والمرجع لاستفهاماتهم، سيكونان هما الوجهة الأولى لهم حتى عندما يصبحون بالغين راشدين، أما إذا تعاملا معهم على أن التربية أوامر صارمة، وتقديم المأوى والمأكل والمشرب والرعاية فقط؛ فسيفقد الأبناء التعليم والاستماع والاحتواء، وبالتالي يصبح الأبوان الوجهة الأخيرة للجوء الأبناء لهما.
قد ينزعج الأب عندما لا يأخذ أبناؤه برأيه، وقد تحزن الأم إذا رأت أنه لا تأثير لها على أبناء بطنها؛ في هذا تطرح الدكتورة هدى المعمر كلاماً في غاية الأهمية، سمعته في «بودكاست» تقول فيه «التربية تتم بالتدرج، والإنسان يجب أن يتعلم كيفية التربية بمراحلها العُمرية المختلفة»، ثم جاءت بمثال لابنها الدكتور الذي سألها سؤالاً لم تعرف كيف تجيبه، فذهبت وبحثت وسألت وقرأت لتخرج لنا بمقولتها «إلى هذا اليوم وأنا أقرأ كيف أتحدث مع ابني».. يتضح من كلام الدكتورة هدى المعمر، أن مفهومها للتربية لم يكن لمدة زمنية معينة، بل هو دور تمارسه حتى آخر يوم في عمرها.
التربية المثمرة لا تأتي بالفطرة فقط، بل هناك الكثير من الوسائل لاكتسابها، ولا ضير في أن يتعلم أحدنا كيف يكون مربياً حتى وإنْ كبر ابنه.. ومن يتعلم مهارات التربية تتحسن علاقته بأبنائه وسيهدم الحواجز معهم، وسيعرف أين أخطأ وأين أصاب، سيعرف متى كان شديداً والموقف يستدعي اللين، ومتى كان ليناً والموقف يستدعي الشدة.
بذلك ستتغير علاقتنا مع أبنائنا، وسيكون هذا التغير نقطة التقاء كبيرة بيننا وبينهم.