انتشر الأسبوع الماضي على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمواطن يتحدث عن فارق الأسعار بين بعض شركات الطيران، وذكر مثالاً لتجربة مرّ بها عند محاولته حجز (ترانزيت).
الفيديو حظي بالكثير من التعليقات، ولن أتطرق لتفاصيل اللبس فيه أو الردود المقنعة فالمسافر يهمه في النهاية أن ينال خدمة جيّدة وسعراً مناسباً.
الواقع أن أكثر عبارة يتم ترديدها في مواسم السفر والإجازات هي (أسعار التذاكر نار)، وهذا الموضوع يستغلّه بعض الصحفيين بطريقة شعبوية تفتقد للمنطق، لكنّها على الدوام تحقق الهدف المقصود وهو (التفاعل).
لستُ هنا أقلل من معاناة أحد، كما أني لست ضد أو مع، لكن دور كلّ مطّلع أو متخصص هو إيضاح الحقيقة وإزالة الغموض بعيداً عن المزايدات.
تذاكر الطيران مثل غيرها من السلع ترتفع أسعارها مع الزمن، وعملية تحديد أسعارها حسّاسة ومعقدة تتأثر بالكثير من العوامل المختلفة؛ لذلك تتغير الأسعار بشكل مستمر، ولفهم كيفية تحديد الأسعار سأذكر باختصار أهم العوامل التي تسهم في ذلك، وكيف يمكن للمسافر الاستفادة من هذه المعلومات.
تُعدّ تكلفة التشغيل من أهم العوامل، وتشمل الوقود، وأجور الموظفين ورسوم المطارات والصيانة.. وغيرها.
أيضاً يلعب عامل العرض والطلب دوراً أساسياً، حسب الوجهة وتاريخ الرحلة وتوقيتها؛ لذلك يستحيل أن تكون أسعار التذاكر في الشهرين المقبلين مثلها في الشهرين الماضيين. كذلك يسهم «نموذج الطيران» الذي تعتمده الشركة في وضع نطاق الأسعار، وتستخدم شركات الطيران نماذج تسعير ديناميكية تتكيف مع المتغيرات، تعتمد هذه النماذج على تحليل البيانات التاريخية والتوقعات المستقبلية، مثلاً يتم تقديم أسعار مخفضة في البداية لجذب المسافرين، ثم ترتفع الأسعار مع اقتراب موعد الرحلة، أو قد تقدّم أسعار مغرية للترانزيت من أجل الحفاظ على حصتها أمام منافسين على الوجهات نفسها، أو تكون ضمن حزمة تدعيم لمطار معيّن، وما يتم فقدانه بسبب أسعار التذاكر يتم تعويضه من كثافة الحركة الجوية وإنفاق العابرين للمطار.
إن عملية تسعير تذاكر الطيران متعددة الأبعاد وحسّاسة جداً تجاه الكثير من العوامل، ومع اتساع سوق الطيران وتعدد الخيارات وزيادة وعي المستهلك وفعالية الجهات التشريعيّة وتطوّر التقنيات الحديثة يمكن للمسافرين اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً بخصوص المبالغ التي سيدفعونها دون انتظار دور اجتماعي من شركات الطيران، فالعملية تجاريّة بحتة، ولو لم تجد شركات الطيران إقبالاً مجدياً على طائراتها لمُنيت بخسائر فادحة؛ لذلك عليك عزيزي المسافر أن تعرف كيف تخطط لرحلتك بذكاء من أجل الحصول على أفضل الأسعار وسط سوق تعجّ بالمتنافسين.