سأموت قليلاً
وستحزنون مؤقتاً
وبعدها ستحتفلون
وتتحدثون عن عمق سخريتي
وذكاء التافه من أقوالي
وسوف تتجاهلون القصائد التي أحببت
وتبررون أخطائي
والشعر العظيم
الذي لم أقله بعد!
(2)
أنا عائدٌ للبيت
منطفئٌ
كنايٍ دون ريح
أنا ذابلٌ ومؤجلٌ
مثل الخريفِ
ومهملٌ
خلف القصيدةِ
غائمٌ
لا أرتجي سفناً
وطوفاناً
أنا الولدُ الذبيح!
(3)
الوجع الذي ينهشنا الآن ليس الوجع الذي نكتب عنه، الوجع في أوج حضوره يجعلك أصم أعمى أبكم..
كل من كتب وجعه لم يكتب سوى الذكرى!
(4)
يحيطك كلّ المحبين
حتى ترى أنّهم بصرُك
تستشفّ الكثير من الدفء
إذ يتكدس من حولك الناس والأزمنة
تتعامى...
وتعمى...
وتبصر ذاتك وحدك
والوقتُ ينتظرُك
عندها يتربّص بالباقيات
من العمر في غفلةٍ
قدرُك!
(5)
لماذا الشعراء أكثر من الشعر..؟
سأنسحب فربما انسحبوا!!
(6)
للغُيومِ البَعيدةِ..
خلْفَ الجِبالِ التي بعْثَرتْ شَاءَهَا..
للصُّخور التي أسكَرَ النَّحْلُ أحشاءَها..
لليَنَابيعِ وهي تُعيدُ إلى عشبةٍ ماءَها..
للبَساتينِ، يفضحُها اللَّوزُ
والياسمينةُ توشكُ إغواءَها..
للمَليحاتِ يهبطن أبها..
فيُرْبكْنَ، صُبحاً، ثُلاثاءَها..
للَّتي هَيَّأَتْ لي مواسِمَهَا
فانتفَضْتُ على غَفْلةٍ نحوَ سَمْراءَ
عانقْتُها
وهي تَشْكو إلى البَردِ حُرْقتَها
والفَراشَاتُ تحرسُ حِنّاءَها
(7)
يقول (عبد الله ثابت)...
إذا مات شاعر في مكان ما من هذا الوجود، ماتت في مكان آخر شجرة، وتساقطت أوراقها قبيل الفجر. إذا مات شاعر انطفأت نجمة، وتخاصم حبيبان وضاع خاتم وأصبحت الدنيا أقل، إذا مات شاعر أُوصدت نافذة وبكت خلفها الفتاة والسقف والوسادة، وإذا مات شاعر تنسى القهوة المواعيد ويعتذر الطل من الزهرة ولا يتلفت الصبح إلى وجه الحمامة، والحمامة لا تقف على طرف السور، ويمر الغروب متثاقلاً ومقطباً حاجبيه، وإذا مات شاعر غص بنغامته الناي ويرجع الشتاء أشد كآبة
(8)
حتى أصدق ساعتي....
أحتاج وقتاً....
وحتى أكون مؤقتاً
ومخلداً
ومؤبداً
أحتاج موتاً
رحم الله الشاعر الأديب محمد بن زايد الألمعي، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته..
(إنّا لله وإنّا إليه راجعون).