في صيف وخريف عام 2015، تعرض المدنيون في مدينة مضايا السورية لأبشع حصار شهدته الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. كان ذلك الحصار نموذجًا حيًّا للقسوة والوحشية التي تتبناها مليشيات حزب الله، حيث حرموا سكان المدينة من أدنى حقوقهم الإنسانية، بمنعهم من الحصول على الغذاء والدواء، مما أدى إلى وفاة الكثيرين من الأطفال والمرضى وكبار السن. هذا الحصار كان مجرد فصل واحد من فصول الجرائم التي ارتكبتها هذه المليشيات بحق الشعب السوري. بدأت جرائم حزب الله ضد السوريين في منطقة القصير، حيث قامت مليشياته بارتكاب مجازر مروعة، وقامت بتسوية قرى وبلدات بأكملها بالأرض، وطردت سكان مدينة القصير بعد أن حولتها إلى ساحة للانتهاكات الطائفية. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف تلك المليشيات عن ممارسة العنف والتدمير، فقد امتدت انتهاكاتها من دير الزور في الشرق إلى حلب في الشمال، ومن درعا في الجنوب إلى القلمون والبادية السورية وحتى دمشق ومحيطها. ما يزيد من كراهية الناس لحزب الله هو أن العنف لم يكن موجهاً فقط ضد المقاتلين، بل كان يستهدف المدنيين العزل. لم تكتفِ مليشيات حزب الله بذلك، بل سعت أيضًا إلى تيسير تنقل الجماعات المتطرفة، حيث قامت بنقلهم في حافلات مكيفة إلى مناطق سيطرة تنظيم داعش في شرق سوريا من خلال صفقات مشبوهة، مما يظهر بوضوح أن عداء الحزب كان ضد الشعب السوري بالدرجة الأولى وليس ضد التنظيمات العسكرية. بدلًا من أن يخجل زعيم حزب الله حسن نصر الله من تلك الأعمال الوحشية، استمر في استفزاز السوريين بتصريحاته المتغطرسة، مؤكدًا على استعداده لإرسال المزيد من مقاتليه إلى سوريا، وكأن قتل الأبرياء بات هدفًا بحد ذاته. وزعم نصر الله أن الطريق إلى القدس يمر عبر المدن السورية التي دمرتها مليشياته، وكأن سوريا باتت ساحة لتحقيق أحقاد تاريخية مريضة في نفوس مريضة يجسدها نصر الله وعصبته. لم تتوقف مغامرات حزب الله عند سوريا، بل امتدت إلى اليمن، حيث أرسل مقاتليه لدعم المليشيات الإرهابية ضد الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. لم تتورع هذه المليشيات عن استهداف الأماكن المقدسة للمسلمين لولا تصدي الجيش السعودي لهم. ما يثير الغضب هو أن هذه الأفعال تُرتكب باسم الدين والمقاومة، بينما الحقيقة هي أن هذه المليشيات تستهدف الأبرياء في كل مكان تحط فيه رحالها.
السياسة بطبيعتها تتسم بالاختلاف، وقد تكون الخصومة السياسية أمرًا طبيعيًا نتيجة تباين المصالح والمواقف، لكن عندما تتحول هذه الخصومة إلى اعتداءات دموية بحق المدنيين والأبرياء، تصبح عداوة وكراهية بلا حدود. حزب الله لم يكتفِ بأن يكون طرفًا في صراع سياسي، بل أصبح يقتل المدنيين ويعيث فسادًا في سوريا ولبنان واليمن من خلال زراعة وتجارة وتصنيع المخدرات والإشراف على تنظيمات الجريمة المنظمة، مما يجعل كراهية الناس له مبررة. فالخصومة السياسية قد تُناقش وتُحل، لكن ماذا عن الخصومة مع من جعل قتل الأبرياء وهدم المجتمعات وتدمير الأوطان هدفًا بحد ذاته؟ ثم يسألونك لماذا تكره الشعوب مليشيات حزب الله الإرهابية.